منذ لحظة ظهوره على الركح، أطلّ بوشناق بلباسه التقليدي وتقدّم فرقته الموسيقية حاملا عوده ليشرع في تقديم عرض متكامل جمع بين الأداء الصوتي المتقن والعزف الحي، مؤكدا مرة أخرى ثراء تجربته الفنية التي تمتد لأكثر من خمسين عاما، وهي مسيرة طويلة من الاشتغال الموسيقي والبحث الفني.
افتتحت السهرة بوصلة موسيقية مهدت للانتقال التدريجي إلى مجموعة من أبرز أعمال بوشناق، التي عرفت بقدرتها على الجمع بين الأصالة والتجديد. فقدم أعمالا من أرشيفه الخاص من بينها “حبيتك وتمنيتك” و”أنا حبيت وتحبيت” اللتين رددهما معه الجمهور وترجم متانة العلاقة بين الفنان ومحبيه. كما أدى باقتدار الأغنية الوطنية “أحنا الجود”، إلى جانب “كل ما فيك حبيبي” و”يا ساكنة الفوق”.
تدرّج إيقاع الحفل تصاعديا ليبلغ ذروته مع أغنية “العين اللي ما تشوفكشي” حيث بدا التفاعل الجماهيري في أوجه واستمر بوشناق في الغناء دون انقطاع قرابة ساعتين، قدّم خلالهما مجموعة من أعماله الشهيرة وسط تفاعل جماهيري كبير تحول فيه الحضور إلى كورال مرددين أغنيات مثل “هاذي غناية ليهم” و”تبدأ الحكاية” التي شكلت جزءا من الذاكرة الجماعية لمحبيه.
واختتم الفنان السهرة بأغنية “يا نوار اللوز”، التي عرفت كموسيقى جينيريك لمسلسل “نوبة/عشاق الدنيا” من إخراج عبد الحميد بوشناق، ثم قدّم “يا للا وينك” وهي من أغانيه الشهيرة التي جمعت بين الجمالية الفنية وعمق المعاني خاصة في التغني بالمرأة التونسية وإبراز محاسنها الأخلاقية والخلقية وتعبر أيضا عن الوعي الوطني والانتماء للثقافة التونسية.
وتميز العرض بتوازن لافت بين مختلف الألوان الموسيقية من الطرب إلى الفن الشعبي وأكد الفنان في اللقاء الإعلامي الذي أعقب العرض أنه حرص على تقديم محتوى متنوّع يشمل أعماله القديمة والجديدة، في محاولة منه لمخاطبة جمهور متعدد الأذواق والانتماءات العمرية.
إلى جانب حضوره الفني، يعرف لطفي بوشناق بمواقفه الإنسانية، وعلى رأسها دعمه المستمر للقضية الفلسطينية. فقد عبّر طيلة مسيرته عن تضامنه الصريح مع الشعب الفلسطيني، سواء من خلال أغانيه أو مداخلاته الإعلامية، ليكون بذلك أحد الأصوات الفنية التي اختارت توظيف الفن كأداة للتعبير عن القضايا العادلة، وخاصة ما يتعلّق بمقاومة الاحتلال والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعوب.<