مصطفى بن جعفر: “لا لن تنطفئ روح الثورة فينا من أجل الحرية والكرامة !”

0

المنبر التونسي (مصطفى بن جعفر) – بمناسبة ذكرى 14 جانفي، توجّه مصطفى بن جعفر برسالة إلى الشعب، خاطب فيها جميع الفئات رجال أعمال وسياسيين ومواطنين وإعلاميين، مطالبا إياهم بأن يكون شغلهم الشاغل وهمهم الوحيد مصلحة تونس من ناحية ومراعاه للمواطن من ناحية ثانية…

وفي ما يلي نص الرسالة:

“من كان يوما يتصور قبل تاريخ 14 جانفي 2011 أن نقف جميعنا صفا واحدا شبابا وشيبا، نساء ورجالا منادين أمام مقر وزارة الداخلية: إرحل، إرحل dégage, dégage

كلمة وصلت إلى مسامع العالم بأسره لتكون وسام فخر واعتزاز على صدر كل تونسي وتونسية ورد اعتبار لتاريخ كل شهداء الوطن وكل المناضلين من أجل الحرية والكرامة.

من كان يتوقع أن إقدام المرحوم محمد البوعزبزي بإضرام النار في جسده سيكون انطلاقة ثورة عارمة بدأت في سيدي بوزيد والقصرين وتاله قبل أن تنتشر شرارتها إلى بقية أنحاء البلاد لتدفع بن علي إلى مغادرة البلاد.

ما كان أحد يتوقع أن الشعب، وبعد أقل من شهر سيتخلص من الرمز الأبرز للاستبداد والفساد وأنها ستدخل في مرحلة جديدة لتحقيق حلم طالما راود عقول مناضلي ومناضلات الحرية: بناء تونس الديمقراطية، تونس الحرية والكرامة

بعد سبع سنوات من الثورة ماذا كسبنا وماذاحققنا ؟

أنجزنا دستورا هوالأساس المتين الذي ستبنى عليه الأجيال القادمة تونس الغد،

دستور تقدميا, يضمن الحريات ويأسّس لدولة مدنية عصرية قائمة على توازن السلطات فلا مجال بعد اليوم لمنطق احتكار السلطة.

وضعنا مؤسسات 

الهيئة العليا المستقلة للانتخابات،الهيئة العليا المستقلة لمراقبة القطاع السمعي البصري، هيئة الحقيقة والكرامة، الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين

عشنا تجربتين انتخابيتين أفرزتا أغلبية مختلفة وكرستا التداول السلمي على الحكم

حققنا نسبة تتحسن يوما بعد يوم من الاستقرار الأمني ونجاعة متصاعدة في مقاومة الإرهاب

جائزة نوبل للسلام كنتيجة لمل تحقق في المرحلة الأولى للانتقال الديمقراطي في تونس 

ولكن الإنجازات يجب أن لا تحجب بعض الحقائق:

1- لم يكن المسار الانتقالي مفروشا بالورود والنوايا الحسنة بل كانت وما زالت التجاذبات بين القوى الدافعة نحو التغيير وقوى الردة سيدة الموقف. إضافة إلى أن تركيزا سياسويا وإعلاميا مفرطا على مسألة الهوية ما زال إلى يومنا هذا ينمي بذور الانشقاق والعداء صلب المجتمع ويلهينا عن التركيز الضروري على القضايا الأصلية التي اندلعت الثورة من أجلها

2- لم نتجاوز مرحلة التأسيس إلى مرحلة المؤسسات والانتقال الديمقراطي معطل حيث. ما زالت البلاد، وبعد أربع سنوات من المصادقة على الدستور، تساس بالأحكام الانتقالية كما تجاوزنا ، وفي خرق واضح للدستور بسنتين كاملتين أجل وضع المحكمة الدستورية..الخ…

3- إن ما تحقق في المسار الانتقالي السياسي لم يواكبه تقدم يذكر في طريق حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تسببت في اندلاع الثورة وانتشارها، وهوما يفسر حالة الاحتقان الشعبي المتواصل التي عاشت البلاد خلال الأسبوع الماضي على وطيرتها. ولعل السبب الأساسي هوالشعور السائد بأن النخب تنكرت لأهداف الثورة حيث لم يتغير شيء في الواقع المعيش للمواطن: الفقر، البطالة، التفاوت بين الجهات…ولا شك أن إعراض قرابة 4 ملايين من المواطنين عن التسجيل أوالمساهمة في انتخابات 2014 والعزوف القياسي المسجل بمناسبة انتخاب نائب دائرة ألمانيا يعكسان حجم خيبة الأمل لدى المواطنين وخاصة الشباب منهم..

نحن اليوم وقد مضت سبع سنوات بعد الثورة أمام نفس التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولكن في جرابنا مكاسب هامة:

الدستور كمرجعية تشكل حولها ما يشبه الإجماع.

الحرية كأداة للتغيير برهن شعبنا وخاصة شبابنا أنه لن يسمح لأي كان أن يسلبها منه.

الاستقرار الأمني نتيجة للتضحيات الجسام التي قدمتها قواتنا المسلحة ونتيجة للجاهزية والمهنية التي اكتسبتها في مقاومة الإرهاب.

لقد كان من المفروض أن تتبع الثورة الاجتماعية، ثورة ثقافية وثورة قيميّة تعيد للعلم والعمل مكانتهما، لكن للأسف لم يحصل شيء من هذا، وعلينا كسياسيين الإقرار بأننا نتحمّل نصيب الأسد في المسؤولية دون أدنى شكّ، لكن أيضا كلّ المثقفين والإعلاميين… فالنخبة بصفة عامّة لم تقم بدورها لبث الوعي لدى المواطن والإحاطة بالثورة حتى تحقق أهدافها بل عبأت جل طاقاتها من أجل التموقع وأقحمت نفسها في معارك سياسوية وإيديولوجية لم تأت بإضافة تذكر.

– وفي الملخص المشكل يكمن في تراجع النفس الثوري -أو على الأقل نفس التغيير- وتلكؤ في القطع الواضح مع الاستبداد والفساد الذين قامت الثورة ضدهما.

– لست ممن يسعد بإخفاقات السلطة وقد بينت طوال مساري النضالي أنني متشبع بمعنى الدولة وأن تونس فوق كل شيء. وأعلم أنه عندما تتراكم المصاعب. فإنّ المتضرّر الأصلي أولا وآخرا ليست النخب أوالسياسيين سواء كانوا في السلطة أوفي المعارضة، وإنّما المواطن البسيط، فهو الّذي سيدفع الثمن في ظروفه النفسية وقدرات عيشه المادية

وعلى الرغم من كل ما نعيشه من مؤيدات تدفع في اتجاه الإحباط وفقدان الأمل كلنا مسئولون عما سيحدث في قادم الأيام وكلنا مطالبون بالمصارحة الجريئة وبالنقد الذاتي من أجل التدارك والإصلاح:

  • فإننا كتونسيين وتونسيات قادرون على تخطي الصعوبات شريطة أن يقوم كلّ منا بدوره: 

 على السياسيين وخاصة من يمسك بدواليب الحكم أن يتقوا الله في ها الشعب، أن لا يحصروا انشغالهم في تحصين مواقعهم…. اخدموا بصدق هذا الشعب وقتها فقط ستحافظون على مناصبكم بمحبّة الشعب أو على الأقل بدعمه واحترامه.

إلى المعارضين : لا تكتفوا بالاحتجاج وركزوا على الاقتراح، عالجوا التشتت والتفوا حول مواقف ومبادئ واضحة. عندها فقط تشكل المعارضة البديل الجدي والمقنع للحكم الحالي ويلقى الشعب فيها الملجأ الذي يسعى إليه عندما يفقد ثقته في الوضع القائم.. اليوم وأكثر من أي وقت مضى. لا بد من تعديل المشهد السياسي عبر جمع القوى الديمقراطية الاجتماعية. إنها: ضرورة قصوى وهدف في المتناول !

إلى المثقفين والمحللين- خاصة ممن أسعدهم حظ التواجد في “بلاتوهات” االفضائيات والإذاعات-: تخلصوا من خطاب الكراهية الإيديولوجية التي لا تساعد في حل مشكل بقدر ما تفرّق وتؤجج الاحتقان. المطلوب أن يستفيد المواطن بالمعلومة الصحيحة والتحليل العلمي والنزيه فيتنامي لديه الوعي والقدرة على التمييز بين الصدق والتضليل.

إلى مكونات المجتمع المدني: واصلوا يقظتكم بنفس الحماس الذي لمسناه خلال فترة إعداد الدستور وذلك من أجل الحفاظ على المكتسبات الّتي جادت بها الثورة ونص عليها دستور الثورة. تحركوا في إطار الحيادية المطلقة عن الأحزاب من أجل دفع كل الفاعلين في الشأن العام في الاتجاه الصحيح.

إلى الإعلاميين ،رجالا ونساء: شدوا بالنواجذ على أهم مكسب للثورة: الحرّية. ليس مطلوب منكم أن تكونوا ضدّ السلطة أوضد المعارضة وإنّما أن تكونوا على نفس المسافة بينهما سلطة رقابة. أنتم تدخلون البيوت طوعا ولكم رسالة لا تضاهيها رسالة فلكلامكم وتحليلاتكم واختياركم للمواضيع وللمشاركين في تطارحها تأثير كبير على المشاهد والمنصت والقارئ و. إن مسؤوليتكم عظيمة في التثقيف المواطني وتشكيل الرأي العام. قد يتمتع المواطن ويتلذذ ببعض الإثارة , لكن رسالتكم لا يمكن اختصارها في التنشيط والتلهية. التونسيون وخاصة في مرحلة بناء ديمقراطيتهم الناشئة في أمس الحاجة إلى من ينير السبيل بالمعلومة الصادقة والتحليل النزيه.

إلى رجال ونساء الأعمال: لقد برهنتم في عديد المحطات التاريخية عن وطنيتكم وتشبثكم بمصلحة تونس. وتونس التي لم تبخل عن الوقوف إلى جانبكم أيام الرفاه ها هي اليوم في أمس الحاجة إليكم لكي تبادروا وتجازفوا وتبتكروا…تونس تستحق كل التضحيات.

إلى المواطنين عامة والكادحين بالفكر والساعد: طالبوا بحقوقكم بما يضمنه لكم الدستور، لكن أيضا قوموا بواجبكم وتفانوا في عملكم. فبدون تحرك الإنتاج لن تقوم للبلاد قائمة. 

رحم الله شهداءنا الأبرار الذين استشهدوا من أجل أن تتعيش تونس مستقلة والذين استشهدوا لينعم شعبنا بالحرية إن مصيرنا اليوم بين أيدينا فلنعمل جميعا من أجل تحقيق الكرامة…..

.هكذا وهكذا فقط نقف لتونس ونمهّد لتعيش الأجيال الصاعدة أفضل مستقبل !.

إن شاء الله اللّي جاي خير وإن شاء الله بلادنا ديما بخير.

الوفاء للشهداء !

تحيا تونس !”

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.