منبرحر: رسالة “المحب” ماثيو جايمس إلى تونس ! بقلم خميس العرفاوي

0

” من رحم الألم، يولد الأمل ” ! 

هكذا قيل، وتعودنا القول عند الشدائد لتخفيف وطأتها و“رفع المعنويات”، أحيانا، أوربما عند إستعراض نماذج “الجناس” و“الطباق” في النحو العربي، أحيانا أخرى، أو للتأكيد، وهذا هو الأهم، على تواصل الحياة مهما كان حجم الفاجعة أو الصدمة !!

وغير بعيد عن ” النحو العربي “ ورفع المعنويات..، لازلنا نتقاسم، بمعنى “البارتاج”، على شبكات التواصل الإجتماعي و“الفايسبوك” تحديدا حكاية ماثيو جايمس السائح الأنقليزي الذي “عرض” صدره لرصاص الإرهاب بدلا عن خطيبته أوزوجته في واقعة سوسة القنطاوي وليقول لها قبل أن يحثها على الهروب أنه ” يحبها ويحب إبنيه..”، مقدما أروع صور الحب والوفاء والتي تستحق، صراحة، إفرادها بمقالات خاصة حول معاني و“تجسيمات” هذه المشاعر والقيم عندنا وعندهم..، وكيف تكون أسلحة ضد ثقافة الحقد والموت.

وعندما كانت عمليات إنقاذ جايمس من الموت جارية في قسم الإستعجالي، عقب العملية الإرهابية التي هزت تونس الجمعة الماضي، قالت سائحة ألمانية جريحة أيضا وتتلقى العلاج في نفس الفضاء، لمن عادها من التونسيين أنها إعتادت زيارة تونس منذ خمسة عشرة سنة قبل أن تردف، باكية، ” أنا أحب تونس..”، بينما أصر عدد من السياح الذين لم يغادروا المنطقة على الإستجمام في نفس الشاطئ، مسرح الواقعة، بعد يوم فقط من وقوعها في حركة رمزية معبرة جدا!

بقدر بشاعة رقعة الدم التي خلفتها واقعة سوسة القنطاوي هناك رقعة أمل أثثتها تلك النماذج والمشاهد وغيرها على غرار المستثمر السياحي الإيطالي الذي ردد أكثر من مرة في تصريح “متلفز”، عقب الحادثة، عزمه على الإستثمار في تونس أو “الهبة” الجزائرية الضخمة على “الفايسبوك” للتعبيرعن عزم الأشقاء الجزائريين “إكتساح” المناطق السياحية، وقوفا إلى جانب تونس في “محنتها”.

“رقعة أمل” هامة مطلوب حسن تقدير مساحتها من القائمين على الشأن السياحي عندنا، ونماذج وصور قادرة على إعداد “طبق” تونسي يجدد تعلق الآخر بهذه الأرض ويرسخ وفاءه شرط إعطاء تلك الرسائل حق قدرها. وأن نحكم “إستثمارها”، على نحو أفضل، في حركة، مستحدثة، تقطع مع المعتاد والمستهلك على طريقة “كلنا باردو..” أو “كلنا سوسة..”، على أهميتها.

وأبلغ تلك الرسائل، رسالة جايمس “المبطنة” الثانية، والذي تحول إلى نجم “فايسبوكي” يضاهي في نجوميته “روميو” في الأدب الرومانسي، بعد رسالته المعلنة الأولى بأنه “يحب زوجته ويحب إبنيه..”، وهي أن “على هذه الأرض ما يستحق الحياة ..” في مواجهة ثقافة الدم والموت والإرهاب وأنه علينا دائما أن “نبني برغم الدمار..”، على حد تعبير الشاعر. أن نبني..، بقدر حبنا للحياة في هذه الربوع وبقدر تمسكنا بالوفاء وبكل القيم والمعاني الإنسانية النبيلة في مواجهة “دمارهم” الزائل، لامحالة !

أرجو أن تكون رسالة جايمس “المحب” للحياة قد وصلت..، وأن يحسن استقبالها!!

جريدة “الصحافة اليوم” 1 جويلية 2015

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.