مهرجان قرطاج الدولي : عرض مبهر مع الرسم الضوئي في الزمن الفعلي

0

أقحم مهرجان قرطاج الدولي في دورته الجديدة ( 51) التي انطلقت منذ 11جويلية وتتواصل إلى 18 أوت 2015 أشكالا جديدة في التعبير الفني من بينها عرض سهرة الإربعاء 15 جويلية الجاري الخاصة بـ”اللايت بايتنينغ ” أو التصوير الضوئي في الزمن الفعلي أو زمن وقوع الفعل مباشرة.

ورغم أن هذه النوعية من العروض الذي توظف أحدث ما وصلت إليه الثورة التكنولوجية في الاتصال من اكتشافات جديدة نوعا ما في تونس فإن الحضور كان موجودا والتفاعل مع العرض في المسرح الأثري بقرطاج كان موجودا كذلك حتى وإن اعتبرنا أن الجمهور العريض قد فوّت على نفسه فرصة كبيرة لحضور عرض نوعي جميل فنيا ويعتمد على مهارات تقنية عالية، هي فرصة لمشاهدة عرض ذكي تقوم فيه الشاشة العملاقة بالتقاط الضوء وبصمات الجسد لتعيده إلى المشاهد أشكالا فنية جميلة في محاكاة لعملية البصر والعلاقة بين العين والدماغ.

- 51e Festival International de Carthage-Human Brush-corps humain un pinceau

أطفئت الأضواء ليلة الأربعاء في كامل أرجاء المسرح الأثري بقرطاج فطبيعة العرض تقتضي ذلك – ما عدا بوابات الدخول للتفتيش – وتم استعمال مصابيح وشعلات كهربائية في مداخل المسرح.

أطل بطل السهرة فنان “الستريت آرت” الرسام والمدير الفني للعرض فانسون غلوونسكي بجسده الرياضي المصقول العاري في جزئه الأعلى على طريقة الأبطال الرياضيين والإستعراضيين أمام الجمهور لتقديم لوحات فنية وكورغرافية وراقصة لكن الإضافة تتمثل في أن كل حركة من جسد الفنان تنعكس على شاشة عملاقة فتخلق أشكالا متنوعة وقد أبهر الفنان والفريق التقني المرافق له الجمهور بفن تشكيلي رائع متنوع ويجمع بين التشخيصي والتجريدي والسريالي إلخ والجميل في هذا العرض أنه يسخّر الرقميات في خدمة الفن دون أن يكون آليا ومكيانيكيا باردا بل بالعكس كان العرض عبارة عن انجاز فني جميل وساحر ومبهر.

استدرج فانسون غلوونسكي الجمهور إلى رحلة افتراضية في الكون (الكوسموس) على إيقاع الموسيقى الإلكترونية من خلال رسم الأشياء المكونة له أو السابحة فيه كما قام بتحفيز الخيال من خلال لوحات تعود بنا إلى عالم الأسطورة والكائنات الخارقة كتنين البحر أو الثعابين العظمى التي تحتل مكانة كبيرة في الأساطير والذاكرة الشعبية والأبطال من ذوي القوة الخارقة التي طالما دغدغت خيال البشر على امتداد القرون وكذلك الأحصنة المجنحّة إلخ.

- 51e Festival International de Carthage-Human Brush-corps humain un pinceau 2

رسم الفنان كذلك أصل الكون ومنبت الإنسان وحالته الجنينية ومن بين أجمل اللوحات تلك التي تجسم رقصة الإنسان مع ذاته وقد انطلق من الفرد الواحد إلى الكائن المتعدد وقد كانت اللوحة التي طبع فيها جسد الفنان المتعدد على الشاشة العملاقة في عملية نسخ خارقة للعادة وفي زمن وقوع الفعل الحقيقي مع لمسة من اللون الأحمر القاني من بين اللوحات الأكثر إبهار والأكثر إثارة للفضول وقد صفق الجمهور لما أظهره فانسون غلوونسكي من مهارات عالية ومن “البرفرمونس”.

لا بد من الإشارة إلى أن من التقنيات الحديثة والرقميات تساعد كثيرا على اتقان العمل وعلى السحر والإبهار لكن كل ذلك لا يقلل من قيمة الجهد الذي قام به فانسون غلوونسكي المتعدد المواهب، فاللوحات الكوريغرافية الجميلة التي قدمها والحركات الرياضية التي جاب بها الركح عدة مرات جمعت بين الآدمي والرقمي لتقلل من الشعور بهيمنة التقنيات والعالم الإفتراضي.

عنوان العرض “هيومن بروش” أو فرشاة الإنسان تعبر جيدا عما يجري كامل العرض فجسد الإنسان يتحول إلى فرشاة الرسام والنتيجة كانت أكثر من رائعة وقد هتف الجمهور مطولا لغلوونسكي وللفريق الفني الذي يتكون من كل من جون فرنسوا روفرسي الذي تولى تصميم البرمجية والإدارة التقنية وإيريك ديسجي صاحب الموسيقى الإلكترونية مع العلم وأن الإنتاج لشركة أنتروبي برودكشين لبيار لوران بودي دون أن ننسى عفيف الرياحي مهندس برنامج “الصوت والضوء والرقص” في قرطاج في دورته لهذا العام

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.