الاتفاقية الجديدة للتبادل الحر الشامل والمعمّق بين تونس و الإتحاد الأوروبي : كلمة السيدة سيسيليا مالم ستروم ، المفوّضة الاوروبية للتجارة

0

كلمة السيدة سيسيليا مالم ستروم ، المفوّضة الاوروبية للتجارة

-ALECA-Cecilia-Malmström-Commissaire-européen-au-Commerce-250b

“السيد الوزير
السيدات والسادة”

“اسمحوا لي، بادئ ذي بدء، أن أتوجه بعبارات الشكر للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية، ولمؤسسة “كونراد أديناور” لما أتاحا لي من فرصة للمشاركة في هذه الندوة، واني لتغمرني السعادة لوجودي في تونس الآن، باعتباري الشخصي، وباعتباري المفوضة الاوروبية للتجارة.

اننا نشهد فترة من الاضطراب، بسبب الأزمة الاقتصادية، التي لم تنته بعد، وبسبب حالة من عدم الاستقرار غير مسبوقة في منطقتنا، وذلك على ضفّتيْ المتوسط.

لقد مرّ الشعب التونسي بمآسي كبيرة هذه السنة ،مثل الهجمات الإرهابية القاتلة في سوسة وفي متحف باردو، أما في أوروبا أيضا، فإ ننا تعوّدنا كذلك للأسف على التهديدات الإرهابية. – –
لقد بيّنت لنا تونس أن الوفاق والتعايش والديمقراطية تظلّ أمورا ممكنة دوما، وإن دستوركم ، بل وأكثر من ذلك تفعيله ، يقومان دليلا ساطعا على ذلك.
وقد أقرّت بذلك أيضا، هيئة جائزة ” نوبل” في الأسبوع الماضي، وإن في ذلك جزاء وفاقا
للجهود التي بذلها الشعب التونسي.

غير أن المشروع الذي شرعتم في إنجازه ليس بالتأكيد بسيطا، وإن الأمل الذي تمثله تونس، – – في حاجة الى الدعم والمساندة، والاتحاد الأوروبي مستعد لتوفير ذلك الدعم، في إطار شراكتنا المتميّزة، وهي شراكة تعتمد كذلك على تيسير تنقّل الأشخاص بين تونس والاتحاد الأوروبي، من خلال الإدارة المشتركة والمسؤولة للدفقات الهجرية الموجودة، ولإجراءات مبسّطة لإسناد تأشيرات الدخول الى بلدان الاتحاد.

يجب أن يكون تمتين علاقاتنا الاقتصادية وتعميقها محور هذه الجهود، إذ أن نجاح تونس
السياسي يمرّ عبر نجاحها الاقتصادي، ويضطلع الانفتاح على التجارة والاستثمار بدور مهمّ
في ذلك.
إن الاتفاقية الجديدة للتبادل الحر الشامل والمعمّق التي نطلقها اليوم ، إشارة قوية جدا وعلامة على دعمنا لانتعاشكم الاقتصادي و لديمقراطيتكم الشابة.

بعد عشرين سنة من إمضاء اتفاقية الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي، صرنا على يقين من القدرات الكامنة في التقارب التجاري بيننا.
فمنذ 1995 تجاوزت تجارتنا الثنائية ضعف ما كانت عليه من قبل، وكادت الصادرات التونسية نحو الاتحاد الأوروبي أن تبلغ ثلاثة أضعاف ما كانت عليه.

- ALECA-Cecilia-Malmström-Commissaire-européen-au-Commerce-annonce-le-départ-d’une-nouvelle-relation-Tunisie-UE-00

والاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأول لتونس، وهو أهم طرف في وارداتها وفي
صادراتها، ففي 2014 ، كان الاتحاد الأوروبي وجهة ثلاثة أرباع الصادرات التونسية ،كما أن الاتحاد الأوروبي هو مصدر ما يزيد على النصف من واردات تونس.
بالإضافة الى أن ما يناهز 3000 شركة من الاتحاد الأوروبي قد جاءت لتستقرّ في تونس،
وخلقت بذلك حوالي 300 ألف موطن شغل في بلادكم.

وتأثيرات تلك الاتفاقية واضحة كذلك في مستوى التطور الهيكلي للاقتصاد التونسي:
منها ما نراه من ظهور تخصصات جديدة، وخاصة في مجال الصناعات الكهربائية والميكانيكية.
ومنها تنمية خدمات جديدة، وخاصة منها الخدمات التي في مجال تكنولوجيات الإعلام
والاتصال..

ومنها بروز جيل جديد من الباعثين ، أكثر حيوية وانفتاحا على الأسواق العالمية.
ولست الوحيدة في تأكيد ذلك، فقد أشار استبيان حديث العهد 1 ، خاص بالمؤسسات الصغرى
والمتوسطة التونسية، إلى الانطباع الإيجابي الذي لتلك المؤسسات بشأن شراكتنا، كما ذكرت أغلب المؤسسات الصغرى والمتوسطة المصدّرة أنها استفادت من التسهيلات الجمركية التي في اتفاقية الشراكة، وان منشآتها تعتبر أن العلاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي فرصة سانحة.

غير أننا نريد أن نذهب إلى ما هو ابعد مدى من هذا، إلى “اتفاقية تبادل حر شامل ومعمّق”،
تتجاوز اتفاقية التبادل الحر، نود أن نتفاوض بشأن “اتفاقية تبادل حر شامل ومعمّق” يكون هدفها الأساسي ضمان اندماج تدريجي أهمّ للاقتصاد التونسي في السوق الأوروبية الوحيدة
فمثل هذا الاتفاق سيعطي دفعا لتنافسيتكم ويمكّنكم من نفاذ أحسن إلى السوق الأوروبية، هذا من جهة.

هو استبيان شمل – 504 من مسيري المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وعنوانه ” تونس أوروبا، – 20 سنة بعد اتفاقية الشراكة”، أنجزته وكالة “سيقما
كونساي”، بدعم مالي من مؤسسة “كونراد أديناور” 1 –

ثم إن وجود إطار قانوني قريب جدا أو مماثل لإطار الاتحاد الاوروبي سيحسّن مناخ الاعمال ، من جهة أخرى، إذ أن محيطا أفضل توقعا و استقرار سيجعل تونس أكثر اجتذابا للاستثمارات الخارجية المباشرة. اننا في واقع الأمر بتركيزنا هذه الاتفاقية، نضع أسس فضاء اقتصادي جديد مشترك بين – –الاتحاد الاوروبي وتونس.

ولذلك يعبر الاتحاد الأوروبي عن انشراحه لانطلاق هذه المفاوضات اليوم.
ولكن علينا أن نكون على حذر، وذلك لأربعة أسباب:
أولا، لأن الاتحاد الأوروبي على وعي بما قد تمثله هذه الاتفاقية من تحدّ، بالنسبة الى تونس، لأنها تقتضي اصلاحات مهمّة.

ولذلك نقترح مقاربة غير متوازنة وتدريجية ،وخاصة في ما يتصل بالالتزامات في مجال تقريب التشريع التونسي من تشريع الاتحاد الأوروبي.

ونحن على استعداد ايضا لدعم المفاوضات بشأن الاتفاقية المزمع عقدها وتفعيلها، وذلك من خلال مجموعة من الإجراءات المرافقة ،التي ستدعم مسار الإصلاحات، وتأهيل بعض
القطاعات الأساسية كالفلاحة والخدمات، ومساندة القطاع الخاص.

ثانيا، إني مقتنعة بأن التجارة يجب أيضا أن تساهم في التنمية المستدامة، وهي بعد من الأبعاد التي أوليها أهمّية خاصة.

ونحن ندرج بصفة آلية في اتفاقياتنا التجارية، وسيكون الأمر كذلك بالنسبة الى “اتفاقية – –
التبادل الحر الشامل والمعمّق” التي ستكون مع تونس، بابا مخصصا للمعايير الاساسية للعمل، ولاحترام الاتفاقيات الثنائية في مجال البيئة، ويغطي هذا الباب كذلك مسائل أخرى مرتبطة بالتنمية المستدامة، مثل المسؤولية الاجتماعية للمنشآت، والتجارة على أسس أخلاقية، وسيضطلع التعاون الثنائي والتأثير الهام والمتواصل للمجتمع المدني، بدوْر أساسي في تفعيل هذا الباب.

ثالثا،اننا بحاجة للتأكّد من احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية ، وهي مسائل قد تمّ
التعرض لها في إطار اتفاقية الشراكة، التي تخضع لها مختلف مجالات العلاقة بيننا، بما فيها” اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمّق” المزمع عقدها.
وقد أنجزت تونس في هذا المجال تقدما ، أودّ ان أشيد به.

غير أني أودّ أيضا أن ألحّ على أهمية مواصلة السير في هذه الطريق، إذ أن إنشاء ثقافة سياسية تحترم حقوق الإنسان ليس أمرا سهلا، وخاصة في سياق يكون فيه الإرهاب تهديدا يوميا.

- ALECA-Cecilia-Malmström-Commissaire-européen-au-Commerce-annonce-le-départ-d’une-nouvelle-relation-Tunisie-UE-4

وفي آخر الأمر، إننا بحاجة الى حوار إدماجي متواصل مع المجتمع المدني، وأنا على وعي
بالدور البالغ الاهمية الذي اضطلع به المجتمع المدني التونسي في مسار الانتقال السياسي .
وإني كذلك لمتفهمة مطلب المجتمع المدني التونسي في ان يتمّ إشراكه بصفة كاملة في مجريات المفاوضات التي نطلقها اليوم. فالاتحاد الأوروبي يشجع هذا الحوار من خلال تمويله المباشر لما يناهز 55 مبادرة تقدم بها المجتمع المدني التونسي.

السيدات والسادة،

ان “اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمّق” ستكون فرصة سانحة لتونس، وتعزيزا لشراكتنا
المتنامية.
إنها مشروع، شأنها شأن المشاريع الجديرة بالعناية، يتطلّب منا جميعا جهودا وإبداعية.
فإيجاد توازن بين عناصر شتى ليس البتة أمرا يسيرا، وإيجاد تراض ووفاق هو أمر دون ذلك يسرا وسهولة.

ولكن لي ثقة كبيرة في قدراتنا على التعاون والتفاهم .

فالانتقال السياسي التونسي والعمل اليومي الذي يقوم به الاتحاد الأوروبي، قد تبيّن منهما،على حد السواء، أن كلّ شيء ممكن إذا توفّرت الإرادة الحسنة.

وإني لسعيدة أن أرى شراكتنا المتميّزة مع تونس تقوى وتتعزّز على هذا النحو من الأهمية،
وأعبّر عن الأمل الذي يملأ قلبي في ان تُكلّل “اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمّق” بين
الاتحاد الأوروبي وتونس، بالنجاح الباهر.

وشكرا لكم على حسن إصغائكم__”

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.