كلمة مصطفى بن جعفر خلال المؤتمر الثالث لحزب التكتل… خلاصتها “السياسة أخلاق أو لا تكون”

0

المنبر التونسي (مصطفى بن جعفر) – انطلقت يوم السبت 9 سبتمبر 2017، فعاليات المؤتمر الثالث لحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات،  الذي يتمتد على مدى يومين. وينعقد المؤتمر هذه السنة تحت شعار “الأيادي النظيفة في خدمة تونس العادلة”.

وقد ألقى مصطفى بن جعفر كلمة، في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، وذلك بقصر المؤتمرات بالعاصمة تونس، كلمة كانت ثرية حياها جميع الحاضرين من مؤتمري الحزب. وكما تعودنا من عدم الانسياق وراء أي تأويلات لنص ليس في سيقاقه، وتفاديا لأية تأويلات لهذه الكلمة من خلال إخلاج مقتطفات من النص من سياقه، ارتأينا أن ننقل كملة مصطفى بن جعفر كاملة، حتى يتسنى للقارئ أن يكون مطلعا عليها ويمكنه إبداء رأي واقعي بكل حرية:

“من أجل تونس التي أردناها، راسخة في هويتها ،منفتحة على العالم، قائمة على التعدد والتنوع والاختلاف، في كنف الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي، اخترنا منذ ما يزيد عن الأربعين سنة طريق النضال مع رفقاء الدرب من أجل هذا الهدف الأسمى.

إنني أعيش اليوم لحظة تاريخيّة تغمرني فيها مشاعر الاعتزاز والنشوة من جهة والاعتراف بالجميل من جهة أخرى إلى كل مناضلي ومناضلات حزب التكتل الذين لولاهم لما كان ولازال وسيظل حزب التكتل قائما ثابتا ثبوته على المبادئ التي خطّتها أنامل رفاق الدرب حين وضعنا حجر الأساس لحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات في 9 أفريل 1994 بعد رحلة نضال جمّعت من صمدوا أمام العواصف واختاروا إتمام الطريق الأوفى والأبقى “من اجل تونس، ووفاء لشهداء ملحمة التحرير الأبرار ومواصلة لتضحيات كل من ناضل من اجل الديمقراطية والحريات منذ فجر الاستقلال وصولا إلى ثورة الحرية والكرامة، ثورة 17 ديسمبر 2010-14 جانفي 2011.

 

هذه الثورة التي لم تأت من عدم بل سبقتها ومهدت لها نضالات مشهودة وتضحيات جسيمة ساهمت فيها كلّ العائلات الفكريّة وكلّ التنظيمات السياسيّة والنقابيّة والحقوقيّة مع التأكيد على الدور الحاسم والرئيسي لشباب تونس الذي أشعل نار الثورة وكان السند الفاعل والحامي لها .

ثورة شباب تونس نساء ورجالا منحتنا فرصة تاريخية ثمينة جدا وتونس تستحق عن جدارة هذه الفرصة للقطع مع منظومة الاستبداد والفساد ولبناء جمهورية ديمقراطية تقوم على قيم الحرية والفصل بين السلطات وإرجاع السيادة للشعب عبر الحكم التشاركي وتوسيع قاعدة اللامركزية وبناء أسس التعايش السلمي على أساس المواطنة والمساواة والعدالة…

ورغم العقبات والتعثرات فإن الأمل مازال قائما لبناء تونس الجديدة، تونس ما بعد الثورة لاسيما وأنها تزخر بالكفاءات البشرية وفي مقدمتها المرأة والشباب.

لقد كان التكتل سباقا منذ الأيام الأولى لتأسيسه في وضع الأسس المتينة للحوار والتواصل بين مختلف الأطراف الاجتماعية الديمقراطية على المستوى الوطني والإقليمي ليدعم بذلك التقارب بين الأحزاب والنقابات ومختلف نشطاء المجتمع المدني التي يتقاسم معها نفس المبادئ والقيم. وسيواصل على نفس النهج إيمانا منه بأن تجميع العائلة الديمقراطية الاجتماعية يستجيب إلى ضرورة المرحلة وانتظارات القوى الكادحة.

ولا ريب في أن يقترن المسار النضالي للتكتل على امتداد سنوات الاستبداد بالنضال من أجل إعلاء قيم الحرية والديمقراطية والكرامة، قيم آمنّا بها ومازلنا نعمل على ترسيخها وهذا ما سعت الكتلة النيابية لحزب التكتل داخل المجلس الوطني التأسيسي إلى تحقيقه ضمن مشروع الدستور الذي ساهمت فيه كتلة التكتل معتمدة برنامجها الانتخابي الذي عكس أهم الأسس التي يقوم عليها المشروع الاجتماعي والحضاري والإنساني الذي يميز هذا الحزب الوسطي الذي يعكس صورة المجتمع التونسي وتجذّر الشعب التونسي بهويته العربية الإسلامية وفي ذات الوقت تفتحه على القيم الكونية من خلال رصيده الحضاري وتوقه المستمر إلى التفاعل مع كل تطلعات المجتمع في بناء دولة مدنية منسجمة مع الإطار المكاني والزماني.

لقد نجحنا في الوصول إلى صياغة دستور توافقي فكانت تجربة ديمقراطية فريدة عاشها الشعب التونسي من خلال مجلس وطني تأسيسي تعددي مثل صورة جديدة لمشهد سياسي تونسي ديمقراطي فريد أكد رغم تنوعه ورغم الاختلافات التي تشقه أنه قادر على احتواء كل الألوان ليبقى في الأخير لون العلم التونسي علم الجمهورية الجديدة.

إن النضال من أجل إرساء مناخ الحريات والديمقراطية عمل يومي ودؤوب

إن النضال من أجل إرساء مناخ الحريات والديمقراطية عمل يومي ودؤوب، لا ينبغي ان تخفت أوتنطفئ حماسته، لذلك فقد ألينا على أنفسنا أن نواصل النضال من اجل وضع التحول الديمقراطي ببلادنا في مساره الحقيقي ومن أجل إضفاء المصداقية على المنظومة الانتخابية ببلادنا ومن أجل توطين الحريات العامة والفردية والديمقراطية بها، مع كل المؤمنين بهذه القيم والمؤمنين بان مستقبل تونس بين أيدي أبنائها وبناتها.

إن المتمعن في الوضع الراهن الذي تعيشه بلادنا وهذا الانقسام الذي تعيشه الساحة السياسة اليوم ونسبة الرداءة التي بلغتها النزاعات السياسية يتبين أننا نعيش أزمة ثقة حادة وأزمة أخلاقية ولّدت كل هذا الاحتقان وهذا التصدع .

لقد سئم المواطن التونسي كل هذه الأجواء المشحونة بالبغضاء والتوترات والتي ساهمت بقدر كبير في تشويه صورة رجل السياسة لدى الشارع التونسي والخطاب السياسي الذي أصبح يعتبره وسيلة للوصول إلى الحكم لا غير.

الدعوة اليوم موجهة لكل الفرقاء السياسيين إلى ترك كل الخلافات والتجاذبات السياسية والعمل على التفكير في المواطن العادي والبسيط في مشاكله الاجتماعية في تطلعاته التي لم تعد موضع اهتمام منهم.

 المطلوب اليوم هواحترام مقتضيات أعلى هرم القواعد القانونية واستكمال ارساء المؤسسات الدستورية لاسيما تلك المحددة بآجال دستورية على غرار المحكمة الدستورية التي فات أجل إرسائها قرابة السنتين ،فضلا عن دعم مسار العدالة الانتقالية عوضا عن وضع الحواجز التي تعرقلها في تأدية مهامها.

ضرورة إرساء الهيئات الدستورية المستقلة دون أي مراوغة أوالتفاف على الاستقلالية التي كرسها الدستور

المطلوب اليوم هو إرساء الهيئات الدستورية المستقلة دون أي مراوغة أوالتفاف على هذه الاستقلالية التي كرسها الدستور بدعوى أن الاستقلالية مكلفة في حين أثبتت التجارب المقارنة أن لا تناقض بين مبدأ استقلالية هذه الهيئات وضرورة حوكمتها بصفة راشدة.

وخلاقا لما يروج لتبربر النتائج الهزيلة وتردي الأوضاع الاجتماعية والمؤشرات الاقتصادية بتسارع مذهل، فإن أزمة الحكم التي تعيشها تونس اليوم لا علاقة لها بطبيعة النظام السياسي القائم وإنما هي بالأساس نتيجة تحالفات غير مدروسة بين حزبي نداء تونس والنهضة أدت إلى الارتباك في أخذ القرارات وضبابية في الرؤية لدى فريق حاكم فاقد للانسجام وعاجز عن وضع التصورات والبرامج والمشاريع لحل الاشكاليات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة.

الاهتمام أكثر بالبعدين الاجتماعي والاقتصادي

 يتعين في هذه المرحلة الثانية من الانتقال الديمقراطي الاهتمام أكثر بالبعدين الاجتماعي والاقتصادي بعد ان تم النجاح في مرحلة اولى في تكريس الحريات ووضع أسس الديمقراطية. لقد تباطأنا أكثر من المعقول والمقبول في المرور من مرحلة التأسيس إلى مرحلة المؤسسات. أيعقل أن تساس البلاد بالأحكام الانتقالية وقد مضت أكثر من ثلاث سنوات منذ المصادقة على الدستور.

الخروج من أزمة الثقة هذه يتطلب شجاعة سياسية وأخلاقية قصوى لا تتوفر إلا عند من أحب البلاد كما لا يحب البلاد أحد حتى لا نواصل في البحث عما يسمى الحلول “الفنية الناجعة التي وقع اعتمادها قبل الثورة” والتي أكدت السياسة المتبعة منذ ما يقارب الثلاث سنوات عن عدم نجاعتها، لا بد من الاقتناع بأن هذه الحلول وغيرها لن تؤتي أكلها إلا عندما يشعر كل المواطنين أنهم معنيون بما تفعله وتقوله النخبة، مقتنعون بأن الحكومة والإدارة في خدمتهم وأن الجميع منكب على المشاكل الحقيقية بعيدا عن المهاترات والشعبوية وعن الهواجس الانتخابية كعنصر قار ومحدد.

الشعب في حاجة أكيدة إلى مصالحة شاملة

إن شعبنا في حاجة أكيدة إلى مصالحة شاملة لا يمكن لنا بدونها أن ننطلق بجد وثبات في بناء مؤسساتنا الديمقراطية ودفع اقتصادنا بالنسق الذي يستجيب لحاجياتنا التنموية الملحة وبما يسمح لنا من الحد السريع من البطالة ومن اختلال التوازنات المالية ومن تفاقم المديونية والتضخم.

وفي الحقيقة المصالحة المطلوبة مصالحات:

أولها: وضع حد للتفاوت الخطير بين الجهات وبين الفئات اعتبارا لا فقط لمبدأ العدالة الاجتماعية التي طالما ناضلنا من أجل تحقيقها بل كذلك لتنمية الشعور بالانتماء لنفس الوطن الذي لا يميز بين مواطنيه إلا بحسب ما يبذلون في خدمته في إطار دولة القانون.

ثانيها: المصالحة بين العائلات الفكرية وهوما يعني القبول بالأخر وهي ليست “مزية” أو”منّا” بل هي جوهر مجتمع المواطنة ونبض الديمقراطية التي تنبني على قبول الاختلاف ومقارعة الرأي بالرأي. فليكن صراعنا ونقاشنا حول البرامج والإصلاحات المنشودة كفانا توظيفا للدين في اتجاه أوآخر لمجرد كسب أصوات الناخبين. دعنا نتحدث في ما ينفع الناس. دعنا نركز على هموم الشعب وما يشكوالمواطن من ضيق في حياته اليومية ونحن على أبواب عودة مدرسية وما تتطلبه من تكاليف وأتعاب.

لقد عاشت البلاد في الحقبة الأخيرة حملات متواصلة زرعت الحقد والبغضاء بين بني نفس الوطن وقسّمت الشعب إلى قسمين متنافرين. فخسر الشعب وفاز المتصارعان وتقاسما الغنيمة، وها نحن نحصد ما زرعوا ولا أحد يصدق ما يسوّق من خطب حول الوحدة الوطنية، وإن هي إلا مناورة لتجاوز العقبة حيث تتواصل المعركة “الخفية المعلنة” عبر وسائل إعلام تترصد كل تصريح من هذا أوذاك لإشعال فتيل الفرقة وفرض الاستقطاب المغشوش وإعادة سيناريو2014 و”التصويت المفيد” الذي يعاني الشعب من ويلاته .

ثالثها: المصالحة بين العائلة الدستورية والديمقراطية ولا بد هنا من تدقيق حيث أن العائلة الدستورية متنوعة ولا يجوز اختزالها في أقلية دعمت بحماس الانتهازية قمع الحريات وحصلت على امتيازات غير مشروعة نتيجة استشراء الفساد. عندما نتحدث عن الحكم الدستوري لا بد أن نذكر بالمكتسبات التي تحققت كما لا يحق أن ننسي أونتناسى الأزمات الموجعة التي مر بها الحزب الدستوري وانعكست على البلاد نذكر منها بعض المحطات :

1969: مراجعة الخيار الاشتراكي

1971: مؤتمر الحزب الاشتراكي الدستوري ورفض الإصلاح الديمقراطي

1978: أحداث 26 جانفي والمواجهة مع الاتحاد العام التونسي للشغل.

1981: تزييف الانتخابات

1987: التغيير المزعوم وما خلفه من انتهاكات للحريات وانتشار للفساد.

 لقد أفرزت هذه الأزمات تيارات منها من بقي داخل المنظومة ربما أملا في إصلاحها من الداخل ومنها من انفصل وبعث أحزابا تنسجم مع رؤاه: حركة الوحدة الشعبية وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين.

إن المصالحة بين العائلة الدستورية والديمقراطية وطي صفحة الماضي في جوانبه الأليمة يتطلب وقفة شجاعة لا لجلد النفس بل لتقييم موضوعي لحصيلة ما بعد الاستقلال دون التنكر للإنجازات والمكاسب المتميزة ودون التغافل عن الأخطاء المكلفة.

رابعتها: المصالحة بين النهضة والحداثة لا بد من الإقرار بأن شريحة واسعة من المجتمع ما زالت تشكك في صدق التنازلات التي تقدمها النهضة بانتظام وفي محطات عديدة لعل أهمها ما حصل خلال مناقشة الدستور لتتم المصادقة علي مضامينه التقدمية بإجماع نوابها ونائباتها في تلك الليلة التاريخية الفاصلة بين 26 و27 جانفي 2014.

النهضة مدعوة  إلى أن تواصل سعيها للفصل بين الجانب الديني والسياسي

 وبعيدا عن كل أشكال الابتزاز التي نلمسها في بعض المواقف والتحاليل العدائية، فإن قيادة النهضة مدعوة من ناحية إلى أن تواصل سعيها للفصل بين الجانب الديني والسياسي حتى تكتسب بالوضوح اللازم والمفروض مقومات الحزب المدني وتؤكدما صرح به بعض القياديين أنها ليست الناطق الرسمي باسم الدين الإسلامي. من ناحية أخرى وهذا الأمر لا يستثني أيا من الأحزاب التي شاركت لفترة ما في حكم البلاد، من الضروري أن تقوم بتقييم صريح ونقد ذاتي لتجربتها في الحكم قبل وبعد انتخابات 2014 كما قام بذلك حزبنا أثناء عملية التقييم الذاتي التي تطلبت أشهر عديدة إثر انتكاسة انتخابات 2014 و تمت داخل هياكل الحزب وكذلك أمام الساحة الإعلامية.

إن هذه المصالحات التي نعتبرها شرطا أساسيا للخروج من المأزق الذي تعيشه البلاد وخلق مناخ جديد من الاستقرار ستكون له فوائد جمة في كل المجالات وخاصة في تشجيع الاستثمار الوطني الراكد والاستثمار الأجنبي المتردد، لا يمكن تحقيقها إلا إذا توفرت لدى الأطراف الفاعلة وبالتزامن إرادة جدية في تحمل المسؤولية ومد الجسور مع الآخر. عندها نخرج من مرحلة التأسيس إلى مرحلة بناء المؤسسات، ومن مرحلة تصريف الأعمال إلى مرحلة الإصلاحات الهيكلية التي تحتاجها تونس الجديدة والتي لن يقبل الشعب كلفتها إلا إذا استرجع ثقته في المؤسسات والقيادات السياسية واقتنع انها منصرفة كليا لخدمة البلاد ولا لتحقيق مآرب شخصية وكراسي في الحكومة.

لقد كان التوافق المنهج والسبيل الأسلم لتجاوز الأزمات التي عايشتها البلاد في المرحلة التأسيسية والذي بني على قاعدتها مسار الحوار الوطني الذي أوصل تونس إلى بر الأمان والذي لعب فيه حزب التكتل دورا مفصليا منذ انطلاقه وخاصة منذ تاريخ 6 أوت 2013 حيث بادرت بتعليق أشغال المجلس الوطني التأسيسي وقد كان قرارا سياسيا وطنيا من أجل وحدة هذا الوطن والوقوف صرحا موحدا ومتينا أمام كل محاولات الانشقاق والفتنة كان من الممكن أن تحملنا كما أراد البعض آن ذاك إلى سيناريو”التمرد” أوغيره من السيناريوهات التي هي أبعد ما يكون عن حقيقة الشعب التونسي المتسامح والمتضامن والمتشبث بوحدته الوطنية التي هي عماد هذا الوطن.

اخترت أن أكون ممثلا لكل التونسيين والتونسيات لا أن أكون أمينا عاما لحزبي

في تلك اللحظة اخترت أن أكون ممثلا لكل التونسيين والتونسيات لا أن أكون أمينا عاما لحزبي وفي هذا إجابة لكل من اتهمني بالتبعية أوبخدمة أجندات حزبية ضيقة. لقد اخترت تونس حزبا وحيدا لا خيار غيره منذ دخولي الساحة النضالية والسياسية.

مسارنا كان متفردا ورائدا متأنيا وثابتا لا نقفز للمجهول ولا نستسلم لدعوات الفوضى.  نحن نؤسس لبناء ثابت يبنيه الجميع. وحتى عندما ساهمنا في الحكم حيث أبلى ممثلوالتكتل، وبشهادة الجميع، البلاء الحسن، كنا حريصين أشد الحرص على هيبة الدولة وعبر المحافضة على صورة الانسجام الحكومي وذلك رغم الخلافات الحقيقية صلب الفريق الحكومي في ملفات ساخنة. السياسة عندنا أخلاق أولا تكون.

إننا ديمقراطيون إلى حد النخاع، عقيدة ونهجا وتاريخا وممارسة.

ولأننا ديمقراطيون قبلنا بنتائج انتخابات أكتوبر 2011 والتي حققنا فيها نتيجة محترمة نسبيا، كما قبلنا بنتائج أكتوبر 2014 والتي لم نحقق فيها نتيجة.

شعبنا شعب معتدل وهوشعب لا يمكن أن يساس إلا بالوسطية والاعتدال وهنا تبرز أهمية ودور كل القوى الوسطية التي ترتكز أساسا على فكرتين جوهريتين وهما مشروع المجتمع الحداثي الديمقراطي والنموذج التنموي الذي لا بد أن يؤسس للعدالة الاجتماعية. وهنا وللتاريخ يجدر بنا التذكير أننا قبل انتخابات 2014 وإلى يومنا هذا لم تقف مساعينا الحثيثة والجدية إلى لم شمل العائلة الاجتماعية الديمقراطية. وعلى الرغم من أن التكتل بقيمه وبتاريخه ووثائقه وبرامجه وشبكة علاقاته وانصهاره ضمن الاشتراكية الدولية ، بكل ذلك يمثل العمود الفقري لهذه العائلة. فإنه سعى إلى توسيع العلاقة والتنسيق إلى مكونات العائلة الديمقراطية الأوسع على أساس ثوابت جوهرية نذكر منها:

  • الالتزام باحترام الدستور في كل مضامينه بما فيها بعث المؤسسات والهيئات الدستورية المستقلة ودعم مسار العدالة الانتقالية
  • الوفاء للشهداء والالتزام بتحقيق أهداف الثورة في ما تعنيه الحرية والكرامة للمواطن ومن توزيع عادل للثروة بين الفئات الاجتماعية من أجل تحقيق الانسجام الاجتماعي وهوضمان الأمن والاستقرار.

وعهد علينا أن نواصل هذا السعي ومعركة الوطن بوحدة شعبنا الأبي وعزيمته وإرادته التي استجاب لها القدر، ونحن ثابتون بإذن الله أمام كل من سوَلت له نفسه أن يستهدف مكاسبنا الوطنية وما ضحت الأجيال والشهداء من أجله وسنبقى على العهد كلما وجدنا فرصة للاتصال بالشعب لإقناعه بأن المشاركة في الشأن العام وفي الانتخابات خصوصا هي السبيل الوحيد لخدمة المصلحة الوطنية. وهذه دعوة لكل المترددين والمحبطين وخاصة من الشباب منهم حتى لا يستسلموا وينخرطوا في هذا المسار الخطير مع الذين يدفعونهم إلى العزوف عن الشأن العام وعدم المشاركة في الانتخابات ز إنكم تنحتون مستقبلكم بالأساس عبر المشاركة في الانتخابات والانخراط في العمل السياسي والنقابي والجمعياتي.

تونس أولا وآخرا

أقف اليوم بينكم لأسلم الأمانة لمستحقيها بعد عقود من النضال والصمود والعمل الصامت مع رفاق الدرب، صمت وهدوء عابه علينا كثيرون وحتى بعض من مناضلينا من أجل غاية وهدف أوحد لم يتغير ولم يتلون ولم يحد عن مساره الأول والأخير ألا وهومصلحة تونس. تونس أولا وآخرا.

اليوم وبعد كل العواصف التي مرت على بيت التكتلين والتكتليات خلال رحلة النضال والكفاح التي جمّعت أجيالا وأجيال، أقف اليوم لأرى البيت صامدا شامخا يتجمّع داخله رفاق الدرب وشباب التكتل إناثا وذكورا بعد انعقاد مؤتمرهم الشبابي خلال الأسبوع الماضي وبروز قيادات شابة يتقدمها الأخ العزيز محمد الجنحاني، أحييهم وأتمنى لهم كل التوفيق وأنا واثق أن القيادة الجديدة ستأخذ المشعل وستواصل المسيرة التي مهدنا لها منذ عقود والتي تجعلني أغادر القيادة من خلال عدم تقديم ترشحي للأمانة العامة للحزب وبذلك نكرس احترام تقاليد نتمنى أن تصبح قاعدة ألا وهي عدم تجاوز الحصتين في تحمل المسؤولية الأولى. وأنا اليوم مطمئن كل الاطمئنان على حاضر ومستقبل حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات الذي أردنا من خلال نضاله أن يكون لكل تونسي الحق في بلادو.

الوفاء كل الوفاء لشهدائنا الأبرار من استشهدوا إبان الثورة ضد الاستعمار والثورة ضد المستبد ومن سقطوا وهم يواجهون ببسالة رصاص الإرهاب الغادر.

عاشت تونس ,حرة منيعة ,أبد الدهر

عاشت الجمهورية الثانية

عاشت ثورتنا المجيدة، ثورة الكرامة والعزة والحرية والعدالة الاجتماعية”.

 

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.