سعر دقلة النور لدى الفلاح 4 دنانير… و آفة السمسرة تهدد نجاح الموسم

0

المنبر التونسي (دقلة النور) – عبر في الاونة الاخيرة العديد من منتجي التمور عن تخوفهم من ضعف الطلب على المنتوج، في ظرف تراهن فيه جميع الاطراف المتدخلة في القطاع على تسجيل محصول قياسي هذا الموسم سيما ان التمور تاتي في المرتبة الثانية في الصادرات الفلاحية الوطنية التونسية مباشرة بعد زيت الزيتون.

غير ان  رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة و الصيد البحري في توزر، عارف ناجي، كان قد ابدى تخوفه من عدم نجاح الموسم على النحو الامثل نظرا لتواصل تدخل المضاربين و السماسرة و ضعف المقدرة الشرائية للمستهلك التونسي فضلا على غموض معطيات التصدير خصوصا نحو الاسواق التقليدية للترويج وهو الامر الذي بدات ملامحه تتضح بجلاء.

مؤشرات غير مطمئنة

يذكر العديد من الفلاحين ان مخاوفهم من كساد الترويج – محليا و خارجيا – ترجع بالاساس الى ان المصدرين و عددا ممن يصفونهم بالسماسرة او بالاحرى المضاربين، قد اشتروا الموسم الفارط حوالي 90% من المنتوج منذ بداية مرحلة الجمع و التحزين في حين ان المبيعات حاليا لم تتجاوز الـ 40%، بمعدل أسعار جد زهيدة يتراوح ما بين دينارين وثلاثة دنانير للكيلوغرام الواحد من ابرز المنتوجات وهي دقلة النور، مقابل أسعار في حدود أربعة دنانير العام الماضي.

و يمكن ان يؤدي فشل الموسم وفق تقدير اتحاد الفلاحين على نحو خاص الى انخفاض صادرات البلاد من الموادّ الفلاحية (11% من اجمالي الصادرات) وخسائر كبيرة للمهنيين، مما يتطلب إيجاد حلول عاجلة لهذه الاشكاليات.  و تقدر المداخيل السنوية من صادرات التمور باكثر من 850 مليون دينار، علما أن البلاد قادرة على زيادة هذه المداخيل في صورة وضع خطة متكاملة للنفاذ الى أسواق جديدة والتوجه نحو أميركا و الدول المسلمة في اسيا، فيما يظل المغرب المستورد الرئيس للتمور التونسية.

توقعات انتاج قياسية

تشير التوقعات وفق وزارة الفلاحة و المجامع المهنية الى تحقيق صابة هذا الموسم بحجم 340 الف طن مقابل 289 ألف طن في 2018 و305 آلاف طن في 2017 (المستوى القياسي الاخير). و تبين الاحصائيات أن تونس تصدر انتاجها نحو 80 وجهة ويعد المغرب حريفها الأول اذ يستحوذ على ربع الصادرات بكميات تتراوح بين 30 و35 ألف طن.

وتأتي إسبانيا في المرتبة الثانية ضمن قائمة حرفاء تونس (9500 طن) تتبعها أسواق أخرى حيث يشهد الطلب نموا ملحوظا من مقارنة بموسم 2017 على غرار كندا (11%) وسنغفورة (%42) وبنغلاداش (54%) ومالي (65%) والكوت ديفوار (44%).

كما تقوم سنويا بلدان اخرى بطلبات هامة على التمور التونسية وهي اساسا ماليزيا و البلدان الاسيوية المسلمة. وخلال الموسم 2018/2019، تمكنت تونس من تصدير، والى حدود يوم 25 سبتمبر 2019، نحو 120 الف طن من التمور بقيمة 863 مليون دينار.

ومن بين المناطق المنتجة للتمور تظهر قبلي على راس القائمة تتبعها توزر فقفصة ثم قابس. ويشكل صنف التمور “دقلة النور” 80% من انتاج تونس من التمور الى جانب اصناف اخرى من ذلك “دقلة الباي”، التي تتميز بجودة عالية ويمكن ان توفر مستقبلا امكانيات هامة للتصدير.

وينطلق موسم التمور عادة في شهر اوت، إذ يعقد المنتجون صفقات مع المصدّرين وأصحاب محلات التخزين الذين يشترون المحصول على رؤوس النخيل، ثم يتولون التصرف فيه بتوجيه الجزء الأكبر نحو التصدير ونحو 30% للسوق المحلية.

معضلات عميقة و حلول للتجاوز

تتفاقم معضلات القطاع من موسم الى اخر و ابرزها امكانيات الترويج في ظل وجود سماسرة يصفهم الفلاحون بـ “صناع السوق” و ذلك في ظل انخفاض المبيعات من 5 دنانير للكيلوغرام الواحد، خلال الموسم الماضي إلى 3 دينار. و يؤكد اتحاد الفلاحين ان هذه الوضعية ستزداد تعكرا في غياب هيكل مهني لمنتجي التمور، مما يشكل أحد أسباب الفوضى التي تعم القطاع، وبالتالي التأثير على الأسعار.

كما ان تواصل غياب مجمع مهني المشترك للتمور، والذي صدر قرار بإحداثه في الجريدة الرسمية خلال جوان 2018، فإن الأثر السلبي سيبقى حاضرا. وعلى الرغم من سعي اتحاد الفلاحة و الصيد البحري للاتصال بوزارة الفلاحة لإيجاد الحلول منذ مارس الماضي، إلا أن السلطات المعنية جهويا ومركزيا لم تتدخل.

اما على مستوى الحلول فقد سبق ان نادى اتحاد الفلاحين و منتجي التمور منذ سنوات الى التحفيف من معاناتهم و التي احتدت في الاعوام الأخيرة، بسبب تراجع الدعم الحكومي بنسبة النصف، وفق تفييمهم. ويكون الدعم الحكومي من خلال توفير المبيدات الحشرية، وحفر الآبار، وبناء الخزانات، وزراعة أشتال النخيل.

اذ انه و حسب المختصين فان المياه وحفر الآبار تبقى الشغل الشاغل للفلاحين، حيث تظل آلاف رؤوس النخيل دون ري لأكثر من سنة و ذلك بالاضافة الى عدم تسوية وضعية الأراضي الفلاحية منذ عقود حتى يتم استغلالها في أفضل طريقة ممكنة، وإدخالها في الدورة الاقتصادية.

كما ان إحداث سوق كبرى لانتاج التمور بولايات الانتاج و على راسها قبلي وهي التي وعدت بانجازها وزارة التجارة امر من شانه ان يتطوّر القدرة التصديرية المباشرة لها لمنتوجها من التمور، والتي تضاعفت حوالي عشر مرّات، خلال العشرية الاخيرة، لتمر من قرابة 2000 طن سنة 2008 الى اكثر من 23 الف طن في سنة 2018.

و من المنتظر ان توفر هذه السّوق التي يتعين تكوينها في شكل شركة بمساهمة بلديات الجهة فضاءا منظما للعرض والطلب يساعد في التّحكم في سعر التمور، الذي مازال حتىّ الآن، يتشكّل خارج مسالك التوزيع علما انه من المؤكد ان يكون لهذا المشروع انعكاسات ايجابية على الفلاحين بصفة عامة وخاصة على صغار الفلاحين، باعتبار انه سيوفر لهم فرصا لعرض منتوجهم والتواصل المباشر مع التجار، الذين سيقتنون المنتوج ومن ثمة تحديد السعر بصفة شفافة. كما سيساعد على تصنيف التمور، بما يتيح تحديد سعرها حسب الجودة.

 و يذكرانه من المرتقب ان تحتوي هذه السوق على مخازن لحفظ التمور وتكييفها علاوة على وحدات لتحويل التمور بما يضفي عليها قيمة مضافة عالية تدرجها في الصناعات التحويلية الغذائية على غرار استخراج السكر وصنع عجين التمر.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.