فتاة أساءت للقرآن..الفة يوسف تعلق: لماذا لم يضع بورقيبة المسعدي في السجن؟

0

المنبر التونسي(الفة يوسف) – علقت الباحثة والجامعية الفة يوسف على استدعاء الامن لفتاة أساءت للقرآن الكريم.
ونشرت الفة يوسف ما يلي:
كتبت: ألفة يوسف
بكل المقاييس، استدعاء الشرطة لمواطنة تونسية نشرت نصا تذكّر صيغته ببعض ما في القرآن، هو استدعاء مضحك، لكنه ضحك كالبكاء…
أولًا، تاريخ العرب يعج بتوظيف أسلوب القرآن، وهذه بلاغة لغوية متداولة بين الكتاب القدامى والمحدثين دون أي إشكال…ولعل أقرب الكتّاب المحدثين إلينا هو المسعدي الذي أطنب في ذلك في مسرحية السد…فهل غفل النظام البورقيبي “العلماني الفاسد” عن الزج بالمسعدي في السجن؟ هلهبا هلهبا… سبحت صاهباء…
ثانيا، حتى من المنظور الفقهي المنغلق، وإذا افترضنا ان الفتاة تستهزئ، وذاك حقها، فإن صريح القرآن (الذين يدافعون عنه أو يتوهمون) يؤكد أن “إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويُستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره”…لم يطلب أحد لا سجن الناس ولا الإعتداء عليهم…
ثالثًا، من منظور فلسفي، المعتقد لا يمكن أن يُعتدى عليه…وهو المجال الجوهري للحرية، يمكن أن تؤمن بما تشاء كما تشاء…وحتى إن أحرقوك وسحلوك وذبحوك، وبعضهم يفعل، فلن يمكنهم الولوج إلى مجال الحرية فيك…ذاك جوهرك، لا يبدله أحد ولا يعتدي عليه أحد…لأن لا أحد له عليه سلطان إلا نفسك…
رابعًا، من منظور نفسي، المنزعجون من الموقف أو الوجود أو التعامل المختلف هم أضعف الناس إيمانا، مهما يكن ما يؤمنون به. انهم اذ يرون إمكانًا مختلفًا يفزعون من إمكان خطإ تمثلاتهم، ولا يطمئنهم الا أن يكون الناس جميعًا منمطين متشابهين، ولن يطمئنوا لأن الكون هو الاختلاف، بل أساس الخلق هو الاختلاف، “ولذلك خلقهم”…
خامسا، من منظور اجتماعي، في واقع الأمر لا أحد تعنيه معتقدات الناس ومواقفهم، المهم في هذه البلاد أن لا يُعبر عنها..المهم أن لا تخرج إلى العلن…المهم أن نحافظ على وهم النمط الوحيد الوهمي، نحن شعب عربي مسلم، ذكوري باطرياركي، غيري، إسلامه معتدل (اعتدال يتلوّن حسب القائمين على الحكم) إلخ…نحن بلد النفاق بامتياز…
خامسا، من منظور سياسي، تدخّل السلطة في مسائل الضمير والتعبير يفتح الباب على مصراعيه للتأويل والزج بالناس في السجون بسبب ودون سبب، فالشرعية السياسية هي أيضا مقدسة لدى البعض، أليس أنها تدعوهم الى تهديد المحتجين السلميين بالإعدام؟
فهل نحن اليوم بإزاء تفعيل القوانين لإلجام الأفواه أم أن “كمامات” الكورونا تكفي؟

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.