المرصد التونسي للاقتصاد: على تونس والجزائر والمغرب دعم فلاحتها المحليّة ضمانا لسيادتها الغذائية

0

المنبر التونسي (المرصد التونسي للاقتصاد) – أدّت الزيادة في أسعار الموّاد الأوّلية على مستوى السوق الدوليّة إلى زيادة في نفقات الدعم في تونس والجزائر والمغرب.

وهذه البلدان مدعوّة إلى دعم قطاعها الفلاحي المحلّي، وخاصّة، نشاط زراعة الحبوب لكي لا تبقى رهينة عدم استقرار اسعار هذه الموّاد على المستوى العالمي وتحقيق سيادتها الغذائية، بحسب المرصد التونسي للاقتصاد، ضمن نشرته الاقتصادية.

« بلغ مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الغذاء أعلى مستوى له منذ عشر سنوات، خلال سنة 2021، رغم تسجيل تراجع طفيف خلال شهر ديسمبر 2021. وحسب ما نشرته المنظمة فإن أسعار الذرة والقمح قد ارتفعت بنسبة 3،31 بالمائة خلال سنة 2021 مقارنة بالمستويات المسجلة في سنة 2020. ويعود هذا الارتفاعن وفق المرصد، إلى ارتفاع الطلب وتقلص الإمدادات في البلدان الرئيسية المصدرة للحبوب ».

وانعكس هذا الارتفاع على تونس والجزائر والمغرب من خلال ارتفاع مؤشر التضخم الغذائي بين شهري جانفي وأكتوبر من سنة2021 ليزيد المؤشر ذاته من 4،9 بالمائة إلى 7،26 بالمائة في تونس ومن 3،44 بالمائة إلى 12،32 بالمائة في الجزائر ومن 1 بالمائة إلى 4،45 بالمائة في المغرب.

« وسعيا للمحافظة على القدرة الشرائية للمواطن قامت هذه البلدان بالترفيع من ميزانياتها لدعم الموّاد الأساسية خلال سنة 2021 ب41 بالمائة في تونس (بحسب الميزانية التعديلية لسنة 2021) وب20 بالمائة في المغرب (إلى حدود 20 سبتمبر 2022) مقارنة بالميزانية الاصلية لسنة 2021″، وفق ما أشار إليه المرصد.

كما عمدت البلدان الثلاثة إلى الزيادة من قيمة الدعم ضمن ميزانياتها لسنة 2022. وسجل الدعم ضمن ميزانية الدولة لسنة 2022 في تونس تطوّرا 71،4 بالمائة مقارنة بسنة 2021. وخصّصت الحكومة الجزائرية من جهتها دعما بقيمة 1،3 مليار دولار ضمن ميزانيتها لسنة 2022 لدعم الحبوب اي بزيادة بنسبة 8 بالمائة مقارنة بسنة 2021. وخصّصت المغرب، أيضان ما قيمته 1،8 مليار دولار من ميزانيتها لدعم الموّاد الاساسية اي بارتفاع بنسبة 12 بالمائة مقارنة بالسنة المنقضية.

وتجدر الإشار إلى أن الحكومة التونسية أعلنت عن اتخاذ تدابير جديدة قصد مزيد ترشيد دعم المواد الأساسية والتحكم فيها في انتظار إرساء منظومة الدعم المباشر لفائدة الفئات الاجتماعية الهشة. واعتمدت الحكومة الجزائرية من جهتهان بالاستناد الى الفصل 118 من قانون المالية لسنة 2022، سياسة جديدة للدعم تخصص دعما نقديا مباشرا للطبقات الهشّة والوسطى ».

ويشار إلى أن الاتحاد العام التونسي للشغل، المنظمة الشغيلة الأهم في البلاد، تدعو إلى مواصلة دعم الطبقة الوسطى في تونس خلافا لتوصيات صندوق النقد الدولي، الذي يدعو إلى توجيه قيمة الدعم إلى الطبقات الهشّة، فقط.
أما بالنسبة إلى الحكومة المغربية، حسب تصريح لرئيس الحكومة، فإنها تؤجل العمل على مراجعة منظومة دعم المواد الأساسية إلى حين استقرار الأسعار العالمية وانتهاء الجائحة الصحية.
واعتبر المرصد التونسي للاقتصاد أنّه بالرغم من اختلاف المقاربات الاقتصادية بين تونس والمغرب والجزائر فقد اعتمدت البلدان الثلاث سياسة دعم الموّاد الاساسية للمحافظة على القدرة الشرائية لمواطنيها عبر دعم، خاصّة، المحروقات والزيت والسكر والقمح، التّي تشكل الموّاد الاساسيّة الصناعة الخبز الذّي يعد المنتوج الغذائي الأساسي في شمال إفريقيا، أوّل مورّد للحبوب في العالم.
وذكّر المرصد بأنّ تونس والجزائر والمغرب شهدت انتفاضات الخبز على التوالي سنة 1983 و1986 و1981 عندما تدخل صندوق النقد الدولي في هذه البلدان لتصحيح الأوضاع الإقتصادية عن طريق برنامج الإصلاح الهيكلي.

وتضمن هذا البرنامج التقويم الفلاحي الذي شجع الفلاحة التصديرية الاهتمام بالمنتوجات ذات القدرة التنافسية في السوق العالمية لجلب المزيد من العملة الصعبة قصد استعادة القدرة على سداد الديون.

وقد أدت هذه السياسات، وفق نشرية المرصد، تدريجيا إلى تخلي الفلاحة في شمال إفريقيا عن زراعة القمح مما أدى بدوره إلى عجز هذه الدول عن تحقيق اكتفائها الذاتي الغذائي والارتهان إلى التوريد والأسعار العالمية المتقلبة إضافة إلى الارتفاع المتواصل لتكاليف دعم القمح منذ تبني السياسات التّي يمليها صندوق النقد الدولي.

وأفاد المرصد أنّه باستثناء الجزائر، التي تعتمد على تصدير المحروقات لتمويل ميزانيتها، أظهرت سياسات صندوق النقد الدولي عدم جدواها اذ لم تنجح في كل من تونس والمغرب، ولم تتمكن هذه البلدان من التخلص من ديونها، التي ما فتئت تتفاقم إضافة إلى خسارة قدرتها على تحقيق سيادتها الغذائية وارتهانها لتقلّب الأسعار العالمية للحبوب وهو ما يشمل الجزائر، أيضا.

واعتبرالمرصد أن انتهاج سياسة جديدة تقطع مع توصيات صندوق النقد الدولي وتدعم الفلاحة المحلية وخاصة زراعة الحبوب، التّي تعد وسيلة ناجعة لبلدان شمال إفريقيا لتحقيق سيادتها الغذائية والتخفيف من أعباء دعم المواد لأساسية، التّي ما فتئت ترتفع مع ارتفاع الأسعار العالمية.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.