كلمة سعادة سفيرة فرنسا بتونس،السيدة آن جيجين، التي توجهت بها إلى ثلّة من الصحفيين بمناسبة حلول العام الجديد (فيديو)

0

المنبر التونسي (كلمة السيدة آن جيجين) – فيما يلي كلمة سعادة سفيرة فرنسا بتونس السيدة آن جيجين التي قالتها يوم الخميس 1 فيفري 2024 بدار السفارة الفرنسية بالمرسى أمام مثلي الأعلام التونسيين:

“السيدات والسادة مدراء التحرير ورؤساء التحرير،

السيدات والسادة الصحفيين والمراسلين ،

سيداتي، سادتي،

أصدقائي الأعزاء،

يسعدني أن ألتقي بكم مرة أخرى في هذا الموعد للتبادل والصداقة، وهي فرصة للتعرف عليكم بشكل أفضل، بعد أن أصبحت، منذ 27 ديسمبر، سفيرة معتمدة بالكامل في تونس، البلد الذي أحبه والذي له أهمية كبيرة في حياتي كدبلوماسية.

نحن في بداية عام جديد، وأريد أن أتطلع إلى المستقبل، ولكنني سأبدأ بكلمة عن الذي سبق.

لقد كانت سنة 2023 سنة شاقةً. ولا أستطيع ولا أريد أن أبدأ خطابي بالتمنيات للعام الجديد دون التفكير أولا في جميع الذين يعانون. نحن نعيش أوقات عصيبة، تتحدى القلوب والضمائر، سواء في فلسطين أو إسرائيل أو أوكرانيا أو السودان و في أجزاء أخرى كثيرة من العالم. والرد لا يجب أن يكون إلا بالتضامن و الأخوة. وهذا ما أود التأكيد عليه، وأريد أن أذكر بأن فرنسا أبدت تضامنها وما زالت تفعل ذلك. الحرية والمساواة والأخوة هي المبادئ التي توجه عمل الدبلوماسية الفرنسية، ويشرفني، كسفيرة لفرنسا، أن أتولى مهمة خدمة هذه القيم.

الأخبار الدولية ليست محور هذا اللقاء الودي الذي نستهل به السنة، لكن اسمحوا لي مع ذلك أن أقول كلمة حول المسألة المأساوية المتعلقة بالصراع في الشرق الأوسط، الذي يقلقنا ويحزننا جميعا كل يوم.

إن الجهود التي تبذلها فرنسا من أجل التوصل إلى هدنة فورية تؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار مستمرة. ومن هذا المنطلق، صوتت فرنسا لصالح قرارات في الأمم المتحدة تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار.

كما أننا نواصل عملنا الإنساني، لاسيما فيما يتعلق بالمساعدات الطبية والغذائية. وكما تعلمون فإن التعبئة الفرنسية مكنت من جمع مليار يويو خلال مؤتمر باريس الإنساني حول غزة الذي أقيم في 9 نوفمبر الماضي. و في السنوات الأخيرة، اختارت فرنسا الترفيع من دعمها الإنساني للسكان المدنيين في غزة . و بذلك تكون فرنسا قد ساهمت في عام 2023 في أنشطة منظمة الأورنوا بما يقارب 60 مليون يورو.

هناك مبادئ حاسمة: حماية المدنيين هي ضرورة أخلاقية و التزام بالقانون الدولي في نفس الوقت.

وأنتم تعرفون موقفنا: إن حل الدولتين يشكل الحل الوحيد القابل للتطبيق لضمان السلام والأمن للجميع، والاستجابة للتطلعات المشروعة للفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل، ويجب ضمان أمنها. وفي هذا السياق، نذكّر بضرورة دعم السلطة الفلسطينية، الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.

و بدلا من لعب دور المتفرج، تعمل فرنسا بلا كلل من أجل السلام والأمن وتجنب اتساع نطاق النزاع الذي قد يعم المنطقة.

هناك أيضا مسألة في غاية الأهمية والحساسية بالنسبة لبلدينا، التي شكل في بعض الأحيان مصدرا لسوء الفهم، وهي مسألة التأشيرات والتنقل. تبذل فرنسا ،تماشيًا مع شركائها في منطقة شنغن والاتحاد الأوروبي، جهدًا كبيرًا لتنظيم التنقل المهني والطلابي بشكل أفضل وهي حريصة بشكل عام على جعل التنقلات  كل من هم في قلب التبادلات بين ضفتي المتوسط و أكثر مرونة  لاسيما في المجالات الاقتصادية والعلمية والثقافية والفنية. يجب أن تعلموا في هذا الصدد أن 70% من تأشيرات شنغن الصادرة في تونس تصدرها عن القنصلية العامة لفرنسا.

تميز عام 2023 بسلسلة من التحسينات على خدماتنا لمعالجة طلبات التأشيرة:

تم افتتاح مركز TLS في صفاقس، في نوفمبر الماضي، مخصص لطالبي التأشيرة من جنوب تونسي بالإضافة إلى مركز تم تجديده كليا بتونس العاصمة، في ديسمبر، من أجل تسهيل وتحسين عملية طلب تأشيرة شنغن.

ومن التحسينات التي تم إنجازها: سنة 2023، تحصل ما يقارب 77% من طلبات التأشيرة على ردود إيجابية، تم التقليص من فترة الانتظار للحصول على الموعد في ما يخص التأشيرات المهنية وطلبات تجديد التأشيرة (بين 10 إلى 15 يومًا).

بالإضافة إلى ذلك فقد تم التخفيض سعر خدمات TLS ( من 33 يورو إلى 28 يورو). هذه التحسينات هي نتيجة لرغبتنا في تطوير خدماتنا وتكريسا للاستماع الفعّال لجميع محاورينا، في تونس العاصمة وفي بقية أنحاء البلاد.

نبدأ سنة 2024 بحكومة جديدة في فرنسا، و التي ستكون ملتزمة بعلاقتها مع تونس.

سنعمل على تغذية و تطوير أجندة ثنائية بشكل خاص تمهيدا لانعقاد المجلس الأعلى للتعاون برئاسة رئيسي حكومة البلدين هذه السنة (انعقد المجلس الأخير في جوان 2021).

ستكون سنة 2024 سنةً مليئة بالإشعاع الفرنسي الدولي: و كما ذكر رئيس الجمهورية في تهنئته للسنة الجديدة التي وجهها للفرنسيين، فهي سنة الأحداث المهمة في فرنسا مع استضافة الألعاب الأولمبية و الألعاب البارالمبية في باريس 2024، وكذلك الذكرى الثمانون للتحرير، وقمة الفرنكوفونية في فيلر- كوتيريت التي ستقام في الخريف.

إن الرياضة والفرنكوفونية هما موضوعان رئيسيان يوحداننا، حيث لدينا العديد من أوجه التعاون مع شركائنا التونسيين.

مهمتي كسفيرة هي العمل على تجديد شراكة الثقة مع تونس.

أولويتي هي للشباب، ولكن أيضًا للنساء، اللاتي تشكلن قوة دافعة رائعة في بلدكم الجميل.

وأود أيضًا أن أٌشيد أمامكم بعمل جميع مصالح السفارة، وجميع أولئك الذين هم جزء من “فريق فرنسا”. فهو قبل كل شيء عمل جماعي وهو موجه لكامل البلاد.

 وأعتزم مواصلة زياراتي في جميع أنحاء تونس لتعزيز عملنا المشترك. سأذهب غدا إلى القيروان ثم في الأسابيع المقبلة إلى سوسة وجربة. ولقد أتيحت لي الفرصة لزيارة كل من بنزرت ونابل والحمامات في مناسبات متعددة كما تنقلت إلى باجة وجندوبة وصفاقس وتوزر بمناسبة إعادة فتح خط باريس-توزر من قبل ترانسافيا في الخريف الماضي. هو الخط الدولي الوحيد الذي يصل إلى هذه الجوهرة السياحية التونسية.

في هذه الفترة التي تتسم بالأزمات المعقدة، أود أن أتطرق إلى ثلاث أفكار حول علاقتنا مع تونس:

 1/ تتمثل الأولى في أن علاقة فرنسا مع شريك ودولة مجاورة مثل تونس لا يجب أن تركز فقط على التبادلات الثنائية، بل يجب أن تمكننا من مواجهة التحديات و مخاطر هذا الزمان. لدينا مصالح واحتياجات مشتركة، ولدينا الكثير لنكسبه من تكثيف الحوار والتعاون لتحقيق النجاح معًا في التحول البيئي والطاقي، لضمان الأمن الغذائي والصحي لبلداننا، ولكن أيضًا لمواجهة التحولات الرقمية وتقنيات الاتصالات الجديدة وتحفيز الابتكار.

2/ الفكرة الثانية هي أن قربنا الجغرافي والبشري الذي لا نظير له لا يعني بالضرورة أن الفهم والتوافق مكتسب بصفة آلية أو نهائياً. يجب أن نعمل على ذلك، فهو جزء كبير من مسؤوليتنا كدبلوماسيين وصحفيين. إن تحديات التعليم والمعرفة المتبادلة والمعلومات في عصر الشبكات الاجتماعية والذكاء الاصطناعي هائلة وواسعة النطاق وإذا كنا لا نريد ترك المجال مفتوحًا لاستغلال الجهل والتحيز. المخاطر تبقى معروفة.

ينص القانون التأسيسي لليونسكو، بتعبير قوي، على أنه يجب رفع مستوى الدفاع عن السلام في أذهان البشر – وأعتقد أن هذا مهم، بقدر أهمية التضامن المادي الذي دونا نعمل من أجله. 2024 هو عام الأولمبياد والقمة الفرنكوفونية. وستمثل هذه فرصًا عظيمة للقاء وممارسة روح الأخوة..

3/ الفكرة الثالثة هي الحاجة المتجددة للتعاون. وفي مواجهة التعددية القطبية المتضاربة في العالم، يتعين علينا أن نبتعد عن الألعاب التي لا منفعة ولا جدوى منها. الفوز للجميع ليس مفهوما صينيا. إن كثافة الشراكة الفرنسية مع تونس استثنائية. إن هذه الشراكة في طور التحديث، وعلينا أن نضمن أنها تخدم السلام والعدالة والحرية والأمن والرخاء لمواطنينا. أعتقد أننا جميعاً نفوز عندما نسعى بإخلاص إلى تحقيق التوازن والتوفيق بين مصالحنا ــ فنحن بحاجة إلى السياسة الواقعية بهذا المعنى، ولكني أيضاً ما زلت مقتنعةً بشكل أساسي بتضامننا الفكري والأخلاقي، بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، وبأن مبادئ الديمقراطية للكرامة والمساواة واحترام الإنسان ليس لها جنسية ويجب أن توحدنا.

على سبيل المثال، شهد تعاوننا وعملنا الثقافي نشاطا مكثفا في العام الماضي. و إليكم بعض الأرقام التي تعطي فكرة عن كثافة هذا التعاون :

* 14000 طالب تونسي في فرنسا، وهي وجهتهم الأولى،

* في عام 2024، خصص مبلغ ما يقرب من 2.5 مليون يورو للتعاون الجامعي والعلمي، بما في ذلك مليون يورو خصصت المنح للدراسية للطلاب التونسيين و770 ألف يورو خصصت لتنقل الباحثين بين بلدينا،

*18000 متعلم للغة الفرنسية في جميع أنحاء تونس،

* 18000 تلميذ في شبكة التعليم الفرنسي بتونس، ثلثاهم تونسيون،

* أكثر من 3 ملايين يورو للتعاون والعمل الثقافي تم تخصيصها في 2024 ،

* دعم 15000 شخص من المجتمع المدني خلال العامين الماضيين من خلال مشاريع تابعة ل25 جمعية متواجدة في مختلف الأراضي التونسية،

وهنا تكمن حقيقة العلاقات الثنائية.

وأخيرا، و قد تركت أفضل للأخير: أنتم تعلمون التزام الدبلوماسية الفرنسية بالإعلام الحر والتعددي وحرية الصحافة، وهو أحد الإنجازات الرئيسية للثورة، وأريد أن أذكر أن تونس رائدة في مجال حرية الصحافة في العالم العربي! نحن نعمل بكل التزام لضمان بقاء الأمر كذلك. وبهذه الروح، اختتمت فرانس ميدياس موند والتلفزة الفرنسية وإذاعة فرنسا والمعهد الوطني للإدارة INA وExpertise France ، في نوفمبر الماضي، توأمة طموحة مع التلفزة التونسية تتعلق بتحديث هذا المرفق العمومي.

لقد حان الوقت لأختم هذه الكلمة وأن أقدم لكم أحر تمنياتي بالسعادة والإنجاز في حياتكم الشخصية والمهنية. إلى أولئك من هم منكم، أو من أحبائكم، الذين يمرون بصعوبات، أو يعانون من مشاكل صحية، أعرب عن تعاطفي العميق وأتمنى لهم الشفاء التام. كما أفكر بشكل خاص في كل الصحفيين التونسيين الذين فارقونا في 2023: مختار التليلي؛ أحمد العموري؛ رؤوف بن علي؛ ناظم الهاني؛ ريم الحمروني؛ محمد القبي؛ نبيل بن زكري؛ درة بوزيد؛ محمد المسمولي؛ محمود التريكي.

أتمنى لكم صحة جيدة وسنة جديدة جميلة وسعيدة 2024.

والآن حان وقت الاستمتاع والأنس!

شكراً لكم جميعاً./.”

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.