التكتل يطلق مبادرة لتوحيد الرؤى

0

المنبر التونسي (التكتل – مبادرة لتوحيد الرؤى) – عقد حزب التكتل، اليوم الثلاثاء 9 ماي 2017، ندوة صحفية للتنديد بالوضع الراهن (الاقتصادي والاجتماعي والسياسي) وتنصل الحكومة من مسؤولياتها وانعدام الحلول الفعلية. الحزب أعلن في هذا الإطار اعتزامه إطلاق مبادرة "للتشاور مع القوى السياسية التي ساهمت في بناء الجمهورية الثانية، وذلك بهدف توحيد الرؤى والإتفاق على تمشٌ يعيد المسار السياسي في تونس إلى طريقه الصحيح.

وفي ما يلي أهم المواضيع التي تناولها الحزب خلال هذه الندوة:

إن انتصاف المدة الانتخابية في الأنظمة الديمقراطية يعتبر مناسبة لتقييم أداء الأغلبيات الحاكمة، و بوصولنا إلى تاريخ 26 أفريل، تاريخ انتصاف المدة الانتخابية فإننا نعتبر أنه آن الأوان للقيام بتقييم أداء الأغلبية الحاكمة منذ الانتخابات، وعلى أساس الدراسة التقييمية التي قمنا بها لما آلت إليه الأوضاع ببلادنا في نصف المرحلة النيابية واستنادا على مؤشرات موضوعية يتضح جليا أن أولويات الائتلاف الحاكم تتلخص في ضرب مسار بناء الجمهورية الثانية وحماية داعمي أحزاب الأغلبية من لوبيات الفساد والعفو على الفاسدين وحمايتهم.

فلقد تجاهل الائتلاف الحاكم طموح المواطنين وقتل أملهم ولم يسع لإصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، بل اتسم أداؤه بالعجز التام وغياب الرؤية. ويتضح ذلك جليا من خلال المحاور الخمس التالية:

1 – التنصل من مسؤولية فشل السلطات الثلاث وإلقاؤها على طبيعة النظام السياسي الحالي

كثر الحديث في الأيام الأخيرة على ضرورة تنقيح الدستور وإعطاء صلاحيات مطلقة لرئيس الجمهورية باعتبار أن ذلك سيسمح بإخراج تونس من حالة الركود التي هي عليه، وهي محاولة جديدة و يائسة لتحميل مسئولية الإخفاق والعجز إلى النظام السياسي الذي أقره الدستور.و الحقيقة أن توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية إضعافا لآلية الرقابة بين رأسي السلطة التنفيذية في حين أن ذلك لن يغير شيئا في الوضع الحالي لأن السلطة المطلقة اليوم بين أيدي طرف حزبي واحد: رئاسة وحكومة ومجلسا، علما وأن الحلّ الحقيقي يكمن في تطوير نسق عمل السلطات التنفيذية والتشريعية حتى تتقدم في استكمال وضع المؤسسات والهيئات الدستورية، والمصادقة على ترسانة القوانين المرتبطة بالإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية وأخيرا وليس آخرا ملائمة كل قوانين البلاد مع الدستور الجديد.

إن كل الملاحظين والسياسيين والخبراء وشركاء تونس من دول ومؤسسات مالية وغيرها…  يقرون بان نقطة الضعف الحقيقية تكمن في بطئ الإصلاحات والبيروقراطية المكبلة وأن معالجتهما تمر حتما عبر تغييرالتشريعات والقوانين وهي مسؤولية مشتركة بين الحكومة و مجلس نواب الشعب.

مجلس نواب الشعب يعاني من إشكاليات أساسية:

– الأولى تكمن في هشاشة الأغلبية الحاكمة بسبب الانقسامات والاختلافات داخل الائتلاف وحتى داخل كل حزب و ارتباطها بلوبيات المال و الفساد.

– الإشكالية الثانية هي أن الحكومة لم تولي هذه العملية الأهمية التي تستحق، فمن المفروض أن تبعث مجموعة عمل تحت مسؤولية رئاسة الحكومة تشارك فيها كل الوزارات المعنية وعلى رأسها وزارة العدل يتم تكليفها بمراجعة كل القوانين للنظر في ملاءمتها للقواعد الدستورية وإصدار مشاريع قوانين التنقيحات لإحالتها على المجلس لمناقشتها والتصويت عليها.

– الإشكالية الثالثة تتعلق بالسلوك والتسيير وتتمثل في عدم انضباط النواب والغيابات المتكررة والغير مقبولة سواء كان ذلك في اللجان أو في الجلسات العامة.

– أما الإشكال الأخير فهو هيكلي و يتمثل في قلة الإمكانيات المتاحة للنواب للقيام بعملهم في أحسن الظروف خاصة بالاستعانة بملحقين وخبراء كما هو الحال في كل البرلمانات الجدية.

2 – تعطيل مسار تركيز الهيئات الدستورية:

استعمل الائتلاف السلطتين التشريعية والتنفيذية لتعطيل تركيز المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة الدستورية في الآجال الدستورية. حيث عطل المصادقة على القانون ثم ذهب إلى تنقيحه.

ونشهد إلى اليوم الحرص على خلق فراغ في رئاسة المجلس مما يجعل اجتماعه غير قانوني. أما بالنسبة إلى الهيئات الدستورية الأخرى التي من شأنها لعب دور الرقابة وضمان الحقوق الأساسية للمواطنين فلم يتم تركيزها والهيئة الدستورية الوحيدة هي هيئة الانتخابات التي تم تركيزها قبل وصول الأغلبية الحالية للسلطة، ويمكننا اليوم التكهن بمصيرها لو لم يكن كذلك.

3 – ضرب الباب السابع من الدستور والسعي إلى تنظيم انتخابات بلدية بقانون 1975:

تسعى الأغلبية الحاكمة في محاولة لضرب الباب السابع من الدستور وإفراغه من محتواه إلى تنظيم الانتخابات المحلية دون المصادقة على مجلة الجماعات المحلية التي من شأنها تركيز السلطة المحلية وتفعيل الخطوات الأولى لللامركزية. ويمثل هذا التمشي دون أي مجال للتأويل تخليا عن منهج اللامركزية وتركيز السلط المحلية وهو أحسن دليل على العودة إلى منوال الحكم والتنمية المركزيين القديمين. فما معنى تواجد مجلس بلدي منتخب لا تكون قراراته نافذة إلا بعد مصادقة الوالي الذي يمثل السلطة المركزية ؟ ما جدوى انتخاب مجلس يمكن لرئيس الحكومة عزله بجرة قلم ؟ أما في ما يخص مجلة الجباية المحلية، الركيزة الوحيدة لاستقلالية السلطة المحلية والتي من شأنها توضيح الصلاحيات، فإن الأغلبية الحالية تجاهلتها وغيّبتها تماما من أولوياتها التشريعية والتنفيذية.


4 – ضرب مسار العدالة الانتقالية:

اتضح اليوم سعي الأغلبية الحاكمة إلى ضرب مسار العدالة الانتقالية، الضامن الوحيد لمصالحة حقيقية. و يتمثل ذلك في العمل على تشويه هيئة الحقيقة والكرامة بشخصنة عملها واختزالها في رئيستها ثم العمل على تشويه سمعتها. وفي مرحلة ثانية تقديم مشروع قانون ما يسمى باطلا بـ"المصالحة الاقتصادية والمالية" وهو بمثابة قانون عفو على الفاسدين من داعمي الأغلبية الحاكمة لإفراغ العدالة الانتقالية من محتواها وذلك في ثلاثة محاولات بائسة. وفي ذلك إثبات لإصرار السلطة على الدفاع عن هذا المشروع رغم أن أغلب مكونات المجتمع رفضته مؤكدة تشبثها بمسار العدالة الانتقالية. ولعل الهدف من الخطة المعتمدة ليس سوى دعم اللوبيات الفاسدة المستفيدة منها. وهي نفس اللوبيات التي دعمت الأحزاب الحاكمة للوصول للسلطة. ونثمن هنا حيوية القوى الوطنية التي تصدت ببسالة لهذا القانون و تواصل التحرك حاليا للتصدي للمحاولة الثالثة.

5 – الوضع الاقتصادي والاجتماعي:

الاحتقان المتصاعد والتحركات الاحتجاجية الغاضبة والمظاهرات الشعبية ذات الطابع السلمي التي تقابلها انفلاتات وانتهاك للحريات تعكس انعدام الثقة و قطيعة بين جهاز الحكم والمجتمع تعود أسبابها إلى خيارات متضاربة وتحالفات غير مدروسة وغير مقنعة وغياب المنهجية والانسجام صلب الفريق الحكومي وضبابية الرؤية والبرنامج، كما تعود أساسا إلى مواصلة التعاطي مع الاحتجاجات وفق منظور تسلطي بيروقراطي مركزي يعكس استبطان وتكريس ثقافة وأحكام المنوال القديم للتنمية والحوكمة.

و لمواجهة الاحتقان المتصاعد تواصل الحكومة سياسة إطفاء الحرائق وتوخي الحلول الترقيعية في رفض واضح للحلول المنهجية الممكنة في إطار تفعيل المجلس الوطني للحوار الاجتماعي.

 تراجع جل الموشرات الاقتصادية ونخص بالذكر منها نسب النمو والعجز التجاري وعجز الميزانية وسعر الصرف والمديونية…

تراخي الحكومة في وضع أو مواصلة الإصلاحات الضرورية في مجال الجباية. فما نراه اليوم هو أن دور الحكومة يقتصر على التقليص من النفقات العمومية وهي في نفس الوقت تهمل تماما تطوير مداخيل الدولة. كما أن الائتلاف الحاكم يفتقد لإستراتيجيات واضحة بهدف إصلاح الشركات والمؤسسات العمومية والصناديق الاجتماعية وكل هياكل الدولة عموما.

وفي إطار هذا التقييم الشامل لعمل الأطراف الحاكمة لسنتين ونصف بعد انتخابات 2014. و أمام الإخفاق التام على المستوى التشريعي والحكومي وغياب الحلول الاقتصادية والاجتماعية والرؤية التنموية، وجب علينا اليوم التصدي لهذا المسار المهدد لأسس الجمهورية الثانية والعمل بكل ما أوتينا من قوة لتصحيح المسار ومواصلة بناء هذا الصرح المنشود.

ولذلك، ومن أجل إنقاذ تونس من الوضع المتردي الذي آلت إليه ا فإننا نعلن أننا سنطلق مبادرة للتشاور مع كل القوى الوطنية، وخاصة منها تلك التي شاركت في بناء أسس الجمهورية الثانية، من أجل تجميع صفوفها حول ا الهدف المنشود وسننطلق حالا في الاتصال بكل الأحزاب والمنظمات ومكونات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية ابتداء بتلك التي نتقاسم معها نفس الهدف ونفس القراءة. وذلك بهدف توحيد الرؤى والاتفاق على تمشي يهدف إلى إرجاع المسار الانتقالي إلى الطريق السوي وإيقاف النزيف التخريبي وإعادة الأمل إلى المواطنين وتقديم حلول ورؤى فاعلة وناجحة لتجاوز الركود ومواصلة بناء أسس الديمقراطية والجمهورية الثانية.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.