ريم الحمروني: ” حرقة” تجربة إنسانية.. لا يهمني حجم الدور بقدر المشروع.. والمسرح هو الأساس

0

المنبر التونسي (ريم الحمروني) – ممتلئة هي بالفن عقلا وروحا وجسدا، في أفكارها وهواجسها وحركاتها يتجلّى عشقها للتمثيل الذي اصطفته من بين كل المهن، من التمثيل تنهل الحياة وإليه تبث حيوات مختلفة وهي تجول بين المسرح والسينما والدراما.

إنها الممثلة ريم الحمروني التي تتماهى اللوعة بالضحك في تفاصيل سمرتها المحمّلة بالحكايات، وتتلبس الكوميديا بالدراما في ثناء أدائها، وتنهمر الضحكات كما العبرات على إيقاع تحركها على الخشبة أو امام الكاميرا.

على الركح كانت البداية، هناك عشقت أبو الفنون ووهبته الكثير من روحه ووهبها الكثير من عمقه، وهناك التقت المسرحي الراحل عز الدين قنون الذي ترك لها زادا من النصائح والدروس.

“رهائن” و”نوار الملح” والشقف”، تجارب مسرحية خطت فيها اسمها بحروق من عطاء وصدق امتدّا إلى السينما إذ عشقت الكاميرا وجهها وتعبيراتها الملهمة والنابعة من الإيمان بأثر العمل الفني في النفوس فتقلّبت بين الشخصيات بكل ما أوتيت من فن، ومن بين الشخصيات الراسخة تلك التي أدتها في فيلم “فترية” لوليد الطايع.

بارعة هي في الانتقال من الحالة الكوميدية إلى الحالة الدرامية، من دور “سعيدة” في السلسلة الكوميدية “الحجامة” إلى دور الأم المكلومة في مسلسل “الحرقة” تبرهن أنها قادرة على التماهي مع أي شخصية وهي التي تخوض تجربة في المسلسل اللّيبي ” زنقة الريح” بدور “فجرة”، دور لم يحد عن نهجها الذي تمضي فيها دائما.

للحديث عن تقلّبها بين المسرح والسينما والتلفزيون وحضورها في الأعمال الرمضانية عبر المشاركة في مسلسل “حرقة” في دور قوض فكرة حشرها في زاوية أداء الأدوار الكوميدية دون غيرها وفي مسلسل “زنقة الريح” في دور مغاير ومختلف أظهرت فيه بعضا مما مازالت تخفيه من قدرة على التقمّص، التقت حقائق أون لاين الممثلة ريم الحمروني وكان معها الحوار التالي:

الممثلة ريم الحمروني خبرتِ التمثيل في فضاءات مختلفة من المسرح إلى السينما والتلفزيون، مالعنصر الجامع بينها في اعتقادك؟

الجامع بينها وصفة “افعل” وان تكون صادقا وان تعطي الثقة لمن وجهك سواء كان مخرجا من وراء الكاميرا أو من خلف الستار وان تؤمن بالمشروع الذي تعمل في إطاره.

ما الاختلاف، في نظرك، بين المسرح والسينما والتلفزيون؟

المسرح فن حي، و كما يقول الراحل عز الدين قنون كتب للمسرح الخلود لانه يولد ويموت في نفس اللحظة، فالعرض المسرحي يخضع لثنائية الآن وهنا ، وعرض البارحة ليس عرض اليوم وليس عرض غدا، لكل عرض خصوصيته التي تخضع لتغير الفضاء أو الجمهور، وأمام الكاميرا “الزلقة بفلقة” وهو أمر ينطبق على المسرح أيضا.

كيف انقلبت ريم الحمروني، بكل سلاسة، من الكوميديا إلى الدراما في مسسلس حرقة ؟

صدقا لا أعرف، أنا أيضا تفاجأتً من نفسي، والمخرج الأسعد الوسلاتي هو اوّل مخرج تونسي وثق بي لأداء دور الأم التي هاجر ابنها وانتهى به المطاف إلى الموت، في البدء شعرت بالرعب من الدور ولم أستوعب الأمر وهل أن المخرج متأكد من قراره ولكن فيما بعد حاولت أن أعطي الدور من نفسي، كما هو الحال بالنسبة لكل الأدوار وحاولت تخيّل كل تفاصيل الشخصية وعشتها لحظة بلحظة لتظهر بما هي عليه في المسلسل.

كيف كان الاستعداد لتقمص الشخصية؟

في الواقع، أطالع كثيرا وأستلهم من الواقع واحاول أن اقتبس من التفاصيل الصغيرة التي تصادفني يوميا وأحفر في عمق الموضوع لأتمكن من الغوص في الشخصية أكثر، و”الحرقة” موضوع مهم وشائك يتطلب التوثيق له والإلمام بأكثر قدر من المعلومات والمعطيات عنه، والامر أعمق من مجرد قراءة نص على ورق ومحاولة أدائه بل يمتد إلى التمكن من كل مفاصيل الموضوع للوصول إلى عمق الشخصية.

هي ليست المصافحة الاولى مع الحرقة؟

نعم، لي حنين خاص لهذا الموضوع على اعتبار أن مسرحية “الشقف” لسيرين قنون ومجدي أبو مطر تقوم عليه، وخلال التحضير للمسرحية قابلت ” حراقة” وبعض من من عاشوا تجربة “الحرقة”، كما إنني على اطلاع على حكايات كثيرة في علاقة بهذا الموضوع، وعندما تسلمت سيناريو “الحرقة” شيء ما تحرّك داخلي.

“الحرقة” يجب ألا تنحصر في مجرد أرقام بل يجب الغوص فيها لتبيان أسبابها وعرض ما يحصل في عرض البحر، نحن “في الشقف” جسّدناها لكن الكاميرا قادرة على التحرك أكثر ويمكن أن تظهر جوانب أكثر من الظاهرة لتمس ما يحصل خارج “الشقف” من معاناة ودوافع وأسباب دفعت إلى “الحرقة”.

التجربة في “حرقة” تجمع بين الفني والإنساني، أين يتجلّى الإنساني حسب رأيك؟

بالفعل هي تجربة إنسانية، وأنا أؤمن بالقيم الإنسانية ولا يمكن للعمل الفني أن يمسّ دون عمق إنساني ودون خلق تساؤلات ورجّة ومساءلة الكل دون استئناء إلى جانب تشريح الظاهرة.

و”حرقة” ينطوي على الكثير من الحب والإنسانية، حب الإنسان بغض النظر عن جنسيته وهويته إذ يتطرق المسلسل إلى “حرقة” التونسيين وغير التونسيين ليفتح نقاشا واسعا حول تحول تونس إلى بوابة للهجرة غير النظامية، وفي النهاية العمل الفني الذي لا يترك أثر لا حاجة له.

من “حرقة” إلى “زنقة الريح” في دور المتمرّدة ذات الشخصية الطريفة،  كيف تمكنتِ من مفاصل الشخصية وخاصة من إتقان اللهجة؟

تمرنتُ كثيرا وشاهدت الجزء الاول من المسلسل وامضيت وقتا في متابعة اعمال ليبية للتمكن من إتقان اللهجة لأن الأمر ينطوي على مسؤولية كبيرة، فأن تمثل تونسية دور ليبيّة يتجاوز الدور ويتعلق بالهوية والمسيرة، وكما مثلت في السابق دور خليجية مع المخرج الراحل شوقي الماجري أخوض تجربة التمثيل عربيا في ليبيا واعوض في عوالم الشخصية وفضاءاتها ولهجتها حتى لا أغفل أي تفصيل.

 “فجرة” إمرأة متمردة ذات شخصية طريفة، إلى أي مدى تشبهك هذه الشخصية؟

الشخثة ابنة ” الزنقة” اجتماعية وتحب الكل من حولها ويمكن أن تكون “ضاربة” مثل ريم الحمروني، وهي تكره أن يأمرها شخص آخر أو ينهيها، نعم فيها بعض مني وهي شخصية طريفة، تعيش لوحدها وتعمل في السوق وتعرف الكل وحكاياتهم، وهي شخصية تطرح العديد من القضايا.

وراء كل أدوارك رسائل وكأنك لا تقبلين بالمرور مرور الكرام، هل هذا أحد الأسباب التي تجعل ظهورك في الأعمال التلفزية قليلة؟

يجب أن يكون لكل دور رسالة وانا لا أؤمن بمرور الكرام حتى في اختياراتي وعلاقاتي، وان تختار مهنة التمثيل ليس بالأمر الهين وكذلك الادوار إذ يجب أن تتضمن رسائل وألا تكون مسقطة، ونحن الممثلون نجسد شخصية إنسان آخر من المحتمل أنه وجد على هذا الارض أون أنه سيوجد ومن هنا تنبع أهمية الرسائل.

ونعم أنا أختار أدواري، وصحيح أنني لست كثيرة الظهور لأسباب لا تعود لي ولكن عندما تكون الأدوار والمشاريع الدرامية مهمة “نصدم” ولا يهمني حجم الدور كل مايهمني أن أكون وسط مشروع هادف.

إذا، لا يوجد دور كبير أو دور صغير بقدر ما يوجد ممثل يجيد لعب دوره؟

نعم، أنا حاولت أن أعطي من روحي لهذا الدور لكي لا يمر عرضا خاصة وأنه المصافحة الأولى مع الجمهور التونسي في الدراما، فضاء آخر يمكن ان تظهر فيه جوانب اخرى في ريم الحمروني التي من الممكن أن البعض حصرها في الكوميديا وهو أمر ليس بالهين.

وأنا عندما قبلت الدور قبلته لاهمية الموضوع وأعمال الايعد الوسلاتي تحكي عنه، قبلت الدور لأتقمص دور الأم الموجودة في أماكن كثيرة من تونس لنقارب منها اكثر ونطلع على دواخلها ونبسط أحاسيسها حينما تلتاع لفقدان ابنها المهاجر.

لا حديث هذه السنة إلا عن تفوق الممثلين القادمين من الخشبة، إلى أي مدى أفادتك التجربة المسرحية في الدراما؟

أفادتني كثيرا، الجمهور عرفني في المسرح ولم يعرفني مباشرة في التلفزة، ومن الممكن ألا يكون الممثل قادما من المسرح ولكن من المهم أن يعمل على تطوير نفسه وأنا لا أؤمن بتقسيم ممثل سينمائي وممثل مسرحي وممثل تلفزي فالممثل هو الممثل.

ووجود ممثلين مسرحيين في أعمال درامية ينطوي على نوع من العرفان، ففي الأعمال الدرامية سابقا على سبيل المثال الخطاب على الباب أغلب الممثلين من المسرح، وفي تجربتي المسرح بالنسبة لي هو الأساس لأنه يمكنك من فهم طبيعة التمثيل وتقنياته ويمكنك من أن تأخذ الشخصية إلى اتجاهات أخرى لا يراها المخرج.

*المصدر: يسرى الشيخاوي / hakaekonline

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.